( حدثنا هناد ) بتشديد النون ( حدثنا عن وكيع سفيان ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ) بكسر القاف واسمه ( عن عبد الله بن زيد زهدم ) بفتح الزاي وسكون الهاء وفتح الدال المهملة ( الجرمي ) بالجيم المفتوحة والراء الساكنة ، كذا في الجامع ، وذكر في التقريب أنه أبو مسلم البصري ثقة من الثالثة ( قال : كنا عند أبي موسى فأتي ) بصيغة المجهول أي جيء ( بلحم دجاج ) قال الحنفي : مفعول قائم مقام فاعله ، وقال ابن حجر : نائب الفاعل ضمير أبي موسى ، وزعم أنه بلحم دجاج ، غلط فاحش ، انتهى .
وفي كونه غلطا فضلا عن أن يكون فاحشا ، نظر ظاهر إذ التقدير أتي بلحم دجاج من عند أهله للحاضرين ، كما سيأتي فتقدم طعامه .
ثم الدجاج بفتح الدال ، ونقل ميرك عن الشيخ أن الدجاج اسم جنس ، وهو مثلث الدال كما ذكره المنذري ، وابن مائد ، ولم يحك النووي ضم الدال ، واحدة دجاجة مثلثة أيضا ، وقيل : إن الضم فيه ضعيف ، وأفاد الحربي في غريبه أن الدجاج بالكسر اسم للذكران دون الإناث ، الواحد منها ديك ، وبالفتح اسم للإناث دون الذكران ، والواحد دجاجة بالفتح أيضا ، سمي به لإسراعه من دج يدج من حد نصر إذا بالغ في السير سريعا ، والمعنى أنه أتي بطعام فيه دجاج كما يأتي ( فتنحى ) من التنحي من النحو أي صار إلى طرف القوم [ ص: 248 ] وتباعد ( رجل من القوم ) قيل : هو زهدم ، قال ابن حجر : روى حديثه الشيخان أيضا ، وسيأتي أنه من تيم الله أحمر كأنه مولى من الموالي .
وزعم أنه زهدم ، وأنه عبر عن نفسه برجل ليس في محله ; لأن زهدم في الرواية الآتية بينه بصفته ونسبته ( فقال ) أي أبو موسى ( ما لك ) استفهام متضمن للإنكار ، أي أي شيء مانع أو باعث لك على ما فعلت من التنحي ( قال ) أي الرجل ( إني رأيتها ) أي أبصرت الدجاجة - جنسها - حال كونها ( تأكل شيئا ) أي من القاذورات ، وفي بعض النسخ نتنا بنونين بينهما فوقية مكسورة ، ويجوز سكونها بتقدير ذا ، كذا ذكره ميرك والظاهر أنه بدل من شيئا لا أنه وصف له ( فحلفت ) بفتح اللام أي أقسمت ( ) والظاهر أن حلفه لإباء طبعه وكراهته لأكلها نتنا كما يأتي من قوله : فقذرته لا لتوهم حرمته ، كما توهم أن لا آكلها الحنفي وتبعه ابن حجر ، فإنه إذا اعتقد الحرمة ما احتاج إلى اليمين ، وأيضا كونه من التابعين وفي أيام الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، ، مع أن الطعام مطبوخ في بيت يمنع أن يحرم حلالا بغير دليل قطعي أبي موسى ( قال ) أي أبو موسى ( ادن ) بضم النون أمر من الدنو أي اقرب ، وخالف طبعك ، وتابع شرعك ( ) فالأنسب متابعته لقوله صلى الله عليه وسلم . فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم دجاج لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به .
قال النووي في أربعينه : حديث صحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ، رواه الشيخان . إذا حلفت على يمين ، فرأيت غيرها خيرا منها ، فأت الذي هو خير ، وكفر عن يمينك
قال ابن حجر : فإن قلت : لعله فهم أن في جنسها جلالة ، وهي يحرم أو يكره أكلها على الخلاف فيه ، فكيف يؤمر بالحنث حينئذ ، قلت : لا يلزم من ذلك كونها جلالة ; لأن مجرد أكلها القذر لا يستلزم التغير الذي حصوله شرط في تسميتها جلالة ، حتى يجري ذلك الخلاف فيها ، نعم ، لو قيد يمينه بالجلالة لم يندب الحنث فيها ، انتهى .
وفي جواب السؤال وتطابقهما نظر لا يخفى مع أن حرمة أو كراهتها مقيدة بعدم [ ص: 249 ] حبسها ثلاثة أيام ، كما هو مقرر في الفروع ، ولا يظن بالمسلمين لا سيما في ذلك الزمان أن يرتكبوا الكراهة ، فضلا عن الحرمة . أكل الجلالة