( باب في  صفة نوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم      - )  
وفي نسخة : باب ما جاء ( حدثنا   محمد بن المثنى  ، حدثنا   عبد الرحمن بن مهدي  ، حدثنا  إسرائيل  ، عن  أبي إسحاق  ، عن   عبد الله بن زيد  ، عن   البراء بن عازب     - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أخذ مضجعه ) بفتح الميم والجيم ، ويكسر محل الاضطجاع ، والمراد بأخذ المضجع النوم فيه ; فالمعنى إذا أراد النوم في مضجعه ( وضع كفه اليمنى ) لكونها أقوى من أن التيامن أولى ( تحت خده الأيمن ) أي : حال كونه مستقبلا ، وفي رواية : تحت رأسه ، وفي رواية  مسلم  وغيره : يضطجع على شقه الأيمن ، وفيه دليل لاستحباب  التيمن حالة النوم      ; لأنه أسرع إلى الانتباه لعدم استقرار القلب حينئذ لأنه معلق بالجانب الأيسر ; فيعلق ولا يستغرق في النوم بخلاف النوم على الأيسر ; فإن القلب يستغرق ; فيكون لاستراحته حينئذ أبطأ للانتباه قالوا : والنوم على      [ ص: 74 ] الأيسر وإن كان أهنأ لكنه مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه ; فتنصب المواد فيه ، ثم اعلم أن هذا التعليل إنما هو بالنسبة إلينا دونه - صلى الله عليه وسلم - ; فإنه لا ينام قلبه فلا فرق في حقه بين النوم على الأيمن والأيسر ، وإنما كان يختار الأيمن ; لأنه كان يحب التيامن في شأنه كله ، ولتعليم أمته ; ولأن النوم أخو الموت ، وهذا هو الهيئة عند النزع وكذا في القبر حال الوضع وكذا في الصلاة وقت العجز والاستلقاء وإن قيل أحب عند النزع وحالة الصلاة ، واختاره بعض مشايخنا لأن يكون بجميع بدنه مستقبلا ، ولخروج الروح سهلا لكن النوم على الظهر أردأ النوم ، وأردأ منه النوم منبطحا على الوجه ، وقد روى   ابن ماجه  أنه - صلى الله عليه وسلم - لما مر بمن هو كذلك في المسجد ضربه برجله ، وقال : "  قم واقعد ; فإنها نومة جهنمية     " ، ولعل السبب فيه أنه موافق لرقاد اللوطية المحركة للناظر داعية الشهوة النفسية الشومية ( وقال رب قني ) أي : احفظني ( عذابك يوم تبعث عبادك ) أي : تحييهم للبعث ، والحشر ففيه إشعار بأن النوم أخو الموت ، وأن اليقظة بمنزلة البعث ، ولهذا كان يقول بعد الانتباه : "  الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا     " .  
وفي الحصن الحصين بلفظ : "  اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك " ثلاث مرات  رواه  أبو داود   والترمذي   والنسائي  ، ورواه   ابن أبي شيبة  في مصنفه ، ولفظه : " رب " بدل " اللهم " قيل وذكر ذلك مع عصمته ، وعلو مرتبته تواضعا لله ، وإجلالا له وتعليما لأمته إذ يندب لهم التأسي به في الإتيان بذلك عند النوم لاحتمال أن هذا آخر أعمارهم ليكون ذكر الله آخر أعمالهم ، مع الاعتراف بالتقصير في بابي الارتكاب والاجتناب الموجب للعذاب والعقاب ، والله أعلم بالصواب . .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					