( حدثنا ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن عبد العزيز بن محمد ( عن أبيه عن سهيل بن أبي صالح ) قيل : اسمه ذكوان أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي أبصره ( أبي هريرة ) بفتح فكسر ، وفي القاموس مثلثة ، ويحرك وككتف ورجل وإبل ، شيء يتخذ من المخيض الغنمي ، والمعنى من أجل أكل قطعة عظيمة من الأقط ، ففي القاموس الثور القطعة العظيمة من الأقط ، ففيه تجريد أو بيان وتأكيد ( توضأ من ثور أقط ) أي الوضوء الشرعي وظاهر سياق هذا الحديث يدل على أن ثم رآه أكل من كتف شاة ، ثم صلى ولم يتوضأ أراد أن يبين أن الحكم السابق ، وهو الوضوء من ثور أقط ، قد نسخ بفعله صلى الله عليه وسلم بآخرة من أكله كتف الشاة ، وعدم توضئه كما يدل عليه كلمة ثم المقتضية للتراخي ، والله أعلم . أبا هريرة
وذكر ميرك أن بعض أهل اللغة قال : الثور القطعة من الأقط ، فعلى هذا الإضافة في ثور أقط إما على سبيل التجريد ، أو البيان ، وقال بعضهم : الثور بالثاء المثلثة : القطعة ، وثور أقط : قطعة منه ، وهو لبن جامد مستحجر بالطبخ ، ومنه الحديث : ، ولو من ثور أقط ، يريد غسل اليدين والفم ، ومنهم من حمله على ظاهره ، وأوجب عليه وضوء الصلاة ، وفي صحيح مسلم أن توضؤوا مما مست النار توضأ في المسجد ، وقال : إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها ، انتهى . أبا هريرة
والجمع بينهما أنه توضأ احتياطا أو أراد غسل فمه ، وكلاهما لا يكره فعله في المسجد ، نعم خلاف الأولى لكنه يحتمل ارتكابه لضرورة ، وقال الحنفي : الظاهر أن التوضؤ أريد به في مقامي الإثبات والنفي معنى واحد لا أن يراد به أولا : معناه اللغوي ، وهو غسل بعض الأعضاء وتنظيفه ، وثانيا : معناه الشرعي حتى يندفع التدافع بينهما ، إذا تقرر ، فنقول : أن توضأه مما مسته النار أولا ، وعدمه ثانيا للإشارة إلى أنه مخير بين الوضوء وعدمه ، فيكون هذا مثل حديث جابر بن [ ص: 272 ] سمرة : " " ، وهذا التوجيه صحيح ، سواء أريد بالتوضؤ هنا معناه اللغوي أو الشرعي ، ويمكن أن يقال : إذا أريد به المعنى الشرعي ، أن وضوأه أولا كان مبنيا على الأمر ، ثم صار منسوخا ، فلم يتوضأ ، وهذا مثل ما قاله محي السنة أن حديث أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ ، وإن شئت فلا تتوضأ منسوخ ، بحديث توضؤوا مما مسته النار ، قال : ابن عباس ، انتهى . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ، ولم يتوضأ
ولا يخفى أن حديث المتن يحتمل أن يراد بالوضوء في موضعيه ، معناه اللغوي أو الشرعي ، ويتصور أربع صور ، ويحتمل أن الوضوء الأول كان بعد الأكل أو قبله ، ولهذا قال شارح : قيل : المراد غسل الفم والكفين واختلف العلماء في استحباب ، والأظهر استحبابه أولا إلا أن يتيقن نظافة اليد من النجاسة والوسخ ، واستحبابه بعد الفراغ ، إلا أن لا يبقى على اليد أثر الطعام ، بأن كان يابسا أو لم يمسه بها ، وقال غسل اليدين قبل الطعام وبعده مالك : لا يستحب غسل اليد للطعام إلا أن يكون على اليد قذرا ، ويبقى عليها بعد الفراغ رائحة ، وقد اختلف العلماء في ، فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا ينقض الوضوء بأكل ما مسته النار ، منهم الخلفاء الأربعة الوضوء مما مسته النار ، وعبد الله بن مسعود وابن عمر ، وابن عباس وأبو الدرداء وأنس وجابر ، وزيد بن ثابت وأبو موسى ، وأبو هريرة ، وأبي بن كعب وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم ، وذهب طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي بأكله ، واحتج الجمهور بالأحاديث الواردة بترك الوضوء ، مما مسته النار ، وأجابوا عن حديث الوضوء مما مسته النار بجوابين ، أحدهما : أنه منسوخ بحديث جابر ، قال : ، وهو حديث صحيح ، رواه كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار أبو داود وغيرهما ، من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة ، والجواب الثاني : أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين ، ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول ، ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء بأكل ما مسته النار ، ثم الظاهر من إيراد هذا الحديث في هذا الباب أن المصنف أراد أن يبين أنه صلى الله عليه وسلم أكل ثور الأقط ، وكتف الشاة بطريق الائتدام ، وليس في لفظ الخبر ما يدل عليه صريحا ، اللهم إلا أن يقال أنهما من جملة الإدام عادة ، فاعتبر العرف وحمل عليه الحديث فذكر في هذا الباب ، والله أعلم بالصواب . والنسائي