( حدثنا   محمود بن غيلان  حدثنا  أبو أحمد  حدثنا  سفيان  عن   الأسود بن قيس  عن  نبيح     ) بضم نون وفتح موحدة وسكون تحتية وحاء مهملة ( العنزي ) بفتح      [ ص: 275 ] المهملة والنون ، وبالزاي منسوب إلى  بني عنزة   ، قبيلة من  ربيع      ( عن   جابر بن عبد الله     ) صحابيان ( قال : أتانا النبي ) وفي نسخة : رسول الله ( صلى الله عليه وسلم في منزلنا فذبحنا له ) أي لأجله أصالة ولأصحابه تبعا ( شاة ) وهي جنس يتناول الضأن والمعز ، والذكر والأنثى جميعا ، وأصلها شاهة ; لأن تصغيرها شويهة فحذفت الهاء ، وأما عينها فواو ، وإنما انقلبت ياء في شياه لكسرة ما قبلها ( فقال ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي نسخة زيادة : " لهم " أي  لجابر  وأهل منزله (  كأنهم علموا أنا نحب اللحم     ) أي مطلقا ، ويدل عليه ما تقدم من مدح  اللحم   أو في ذلك الوقت للاحتياج إلى القوة ، لمدافعة العدو ومقاومتهم أو المراد بذلك تأنيسهم وجبر خاطرهم ، دون إظهار الشغف باللحم والإفراط في محبته ، وفيه إرشاد للمضيف إلى أنه ينبغي له أن يثابر على ما يحبه الضيف إن عرفه ، وللضيف إلى أنه يخبر بما يحبه ، حيث لم يوقع المضيف في مشقة ، ( وفي الحديث قصة ) أي طويلة .  
قال  ابن حجر     : هي  أن  جابرا  في غزوة  الخندق   ، قال : انكفأت إلى امرأتي فقلت : هل عندك شيء فإني رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم جوعا شديدا ، فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ، ولنا بهيمة داجن أي شاة سمينة ، فذبحتها أنا وطحنت أي زوجي الشعير ، حتى جعلنا اللحم في البرمة ، ثم جئته صلى الله عليه وسلم وأخبرته الخبر سرا ، وقلت له : تعالى أنت ونفر معك ، فصاح يا أهل  الخندق   إن  جابرا  صنع سورا أي بسكون الواو بغير همز ، طعاما يدعوا إليه الناس ، واللفظة فارسية فحيهلا بكم ، أي هلموا مسرعين ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء ، فلما جاء أخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك ، ثم قال : ادع خابزة لتخبز معك ، واقدحي - أي اغرفي - من برمتكم ولا تنزلوها ، وهم ألف فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا ، وأن برمتنا لتغط - أي تغلي - ، ويسمع غطيطها كما هي ، وأن عجيننا ليخبز     .  
كما رواه   البخاري  ومسلم  وقال  الحنفي     : اعلم أن هذه القصة ، كأنها إشارة إلى ما وقع في حفر  الخندق   ، لكن فيه تأمل ، لأن ما ذكره المصنف هنا يدل على أن ذبح الشاة بعد إتيان الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منزل  جابر  ، وما ذكروه في قصة  الخندق   يدل على عكس ذلك ، فإن كنت في ريب فارجع إلى الحديث المتفق عليه الذي في مشكاة المصابيح ، انتهى .  
ويمكن دفع الإشكال بأن يقال قوله : أتانا أي أراد أن يأتينا بمناداتنا إياه ، فذبحنا له شاة فناديناه وأعلمناه بما عندنا من لحم الغنم ، وصاع الشعير ، فقال : "  كأنهم علموا أنا نحب اللحم     " ، ويمكن أن يكون المعنى فذبحنا له شاة أخرى لما رأينا من كثرة أصحابه ، ويمكن أنه صلى الله عليه وسلم جاء منزل  جابر  لحاجة ، ثم رجع فانقلب  جابر  إلى بيته ، وصنع ما صنع ، ثم أخبره به ، فوقع ما وقع ، والله أعلم .  
وهذا الحديث من باب المعجزات واستيفاؤها يستفاد من المطولات .  
				
						
						
