( حدثنا  عبد الله بن عبد الرحمن ) يعني الدارمي     ( حدثنا  سعيد ) بالياء ( بن سليمان  عن  عباد ) بتشديد الموحدة ( بن العوام )  بتشديد الواو ( عن  حميد     ) بالتصغير ( عن  أنس  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الثفل     ) بضم المثلثة ويكسر ، وسكون الفاء وهو في الأصل ما يرسب من كل شيء ، أو ما يبقى بعد العصر ، وقد يطلق على ما بقي في آخر الوعاء من نحو الدقيق والسويق ، ومنه ما ورد في  الحديبية      : "  من كان معه ثفل فليصطنع     " ( قال  عبد الله     ) أي شيخ المصنف ( يعني ) أي يريد  أنس  بالثفل ( ما بقي من الطعام ) أي في القدر ، ولعل وجه إعجابه أنه منضوج غاية النضج القريب إلى الهضم ، فهو أهنأ وأمرأ أو ألذ .  
وفيه إشارة إلى  التواضع والصبر والقناعة بالقليل   ، وإيماء إلى قوله صلى الله عليه وسلم : "  ساقي القوم آخرهم شربا     " ، رواه  الترمذي  وغيره ، أو في الصحفة ويؤيده ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،  من أكل في قصعة فلحسها استغفرت له القصعة  ، رواه  أحمد  ،   والترمذي   وابن ماجه  عن  عائشة  ، وقيل : الثفل هو الثريد ، وهو مختار صاحب النهاية ، ونقل  ميرك  عن  السيد أصيل الدين  أن الثفل بكسر المثلثة وضمها وهو أفصح وسكون الفاء ، وفسره شيخ  الترمذي  وهو الإمام  الدارمي  بما بقي من الطعام ، وقال الشارح : المظهر أي : في القدر ، وهو المشهور عند أهل الحديث ، والمسموع من أفواه المشايخ ، وقال  زين العرب     : أي ما بقي في القصعة ، ويقال : في وجه إعجابه ما بقي في القدر أنه أقل دهانة ، فيكون أسرع انهضاما ، وقيل : لأنه يجمع طعوما في القدر فيكون ألذ ولما تقرر أن  دأبه صلى الله عليه وسلم الإيثار   ، وملاحظة الغير من الأهل والعيال والضيفان ، وأرباب الحوائج ، وتقديمهم على نفسه لا جرم كان يصرف الطعام الواقع في أعالي القدر والظروف إليهم ، ويختار لخاصته ما بقي منه في الأسافل رعاية لسلوك سبيل التواضع ، وكثير من أغبياء الأغنياء يتكبرون ويأنفون من أكل الثفل ، ويصبونه والله تعالى جعل بجميل حكمته في      [ ص: 282 ] جميع أقواله وأفعاله وأحواله صلى الله عليه وسلم صنوف اللطائف ، وألوف المعارف والظرائف فطوبى لمن عرف قدره ، واقتفى أثره ، والله الموفق ، هذا وقال الشراح : لقد أعجب المصنف فختم الباب بهذا الحديث ، إشارة إلى أنه ثفل الأحاديث ، وما بقي منها ، قال  ابن حجر     : وفيه ما فيه في تعبيره بالثفل ما قد يحسن فيه رد ، وفي القاموس الثفل ما استقر تحت الشيء من كدرة ، وكان هذا هو الحامل على تفسير الراوي له بما ذكر حذرا من أن يتوهم منه إسناد هذا المعنى غير المراد ، أقول : الأظهر أن يقال في إيراد هذا الحديث المشتمل آخره على ما بقي من الطعام صنعة حسن المقطع ، ختما للباب ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					