الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز بيع حيوان واستثناء ( جلد وساقط ) رأس وأكارع لا كرش وكبد وطحال فإنها من اللحم فيجري فيها ما جرى فيه وقد مر ( بسفر فقط ) راجع للجلد والساقط معا كما هو مفاد النقل قاله شيخنا ، وإنما جاز استثناؤهما في السفر فقط لخفة ثمنهما فيه دون الحضر ( و ) جاز استثناء ( جزء ) شائع ( مطلقا ) من حيوان [ ص: 19 ] أو غيره سفرا وحضرا ثلثا أو أقل أو أكثر وسواء اشترى الحيوان على الذبح أو الحياة ويكون شريكا للمشتري بقدر ما استثنى ( وتولاه ) أي المبيع بذبح أو سلخ أو علف وسقي وحفظ وغيره ( المشتري ) ; لأن الشراء مظنة ذلك ( ولم يجبر ) المشتري ( على الذبح فيهما ) أي في مسألة الجلد مع الساقط ومسألة الجزء ، أما في الأولى فلقيام مثله مقامه ، وأما في الثانية ، فإنه شريك ( بخلاف ) استثناء ( الأرطال ) فيجبر على الذبح إذ ليس له أخذ غيرها ( وخير ) المشتري ( في دفع ) مثل ( رأس ) وبقية ساقط ومثل جلد ( أو قيمتها ) أي قيمة الرأس والأولى قيمته ; لأن الرأس مذكر ( وهي ) أي القيمة ( أعدل ) لموافقة القواعد في أنها مقومة وللسلامة من بيع اللحم باللحم ( وهل التخيير للبائع ) ; لأنه صاحب الحق وهذا لا يناسب قوله دفع ; لأنه يعين أن التخيير للمشتري فلو حذف لفظ دفع لاستقام قوله هنا وهل إلخ إلا أن يجعل نائب فاعل خير هو في دفع لا ضمير المشتري أي وقع التخيير لأهل المذهب في " دفع " ( أو للمشتري ) وهو المعتمد ( قولان ) .

التالي السابق


( قوله : فيجري فيها إلخ ) أي فيقال : إن حصل البيع واستثناؤها قبل الذبح أو قبل السلخ جاز إن كانت أقل من الثلث ، وإن كانت بعد السلخ جاز ، ولو كانت الثلث لا أكثر ( قوله : بسفر فقط ) أي وكره ذلك مالك في الحضر وأبقى أبو الحسن الكراهة على بابها فلا يفسخ البيع عند استثناء ما ذكر في الحضر ، وظاهر كلام المصنف في التوضيح أنها محمولة على المنع وأن البيع يفسخ ويوافقه نقل المازري المنع عن المذهب انظر بن ( قوله : كما هو مفاد النقل ) أي خلافا لما في خش وعبق من رجوع قوله بسفر فقط للجلد فقط ، وأما السقط وهي الرأس والأكارع فيجوز استثناؤها في السفر والحضر على حكم قليل اللحم ولا كراهة فيه ، وهذه طريقة لابن يونس وما مشى عليه شارحنا طريقة المدونة ونصها ، وأما استثناء الجلد أو الرأس فقد أجازه مالك في السفر إذ لا ثمن له هناك وكرهه في الحضر وقوى بن طريقة المدونة ( قوله : لخفة ثمنهما فيه دون الحضر ) أي فلو انعكس الحال فهل ينعكس الحكم وهو الظاهر لمقتضى - [ ص: 19 ] العلة أولا والمعتبر سفر البائع فيما يظهر ، ولو كان المشتري مقيما .

( قوله : أو غيره ) أي كصبرة أو ثمرة ( قوله : وتولاه المشتري ) قال طفى : انظر ما معنى هذا الكلام ، فإنه مشكل سواء عاد الضمير على الذبح أو على المبيع ; لأنهما في مسألة الجزء والأرطال شريكان وأجرة الذبح عليهما ، قال : ولم أر هذا الفرع بعينه لغير المؤلف ا هـ قلت : وقد يقال : يصح أن يعود الضمير على الذبح ويجعل هذا الفرع خاصا بمسألة الجلد والساقط بناء على ما صوبه ابن محرز من أن أجرة الذبح على المشتري وعلى هذا حمله المواق ، وأيضا لما كان المشتري لا يجبر على الذبح في الجلد والساقط وإن له أن يدفع المثل أو القيمة للبائع صارا كأنهما في ذمته وكأن البائع لا حق له في المبيع فصح كلامه حينئذ بعود الضمير للمبيع فهذا الفرع على هذا ، وإن لم يذكروه صريحا فهو لازم من كلامهم ا هـ بن وإذا علمت هذا فقول شارحنا وتولاه أي المبيع إلخ مراده المبيع المستثنى منه الجلد أو الجلد والساقط وليس المراد المستثنى منه مطلقا أرطالا أو جزءا شائعا أو جلدا أو ساقطا كما هو ظاهره .

( قوله : بخلاف الأرطال فيجبر على الذبح ) اعلم أن أجرة الذبح وكذلك السلخ في استثناء الجلد مع الساقط على المشتري ; لأنه غير مجبور على الذبح إذ لو شاء أعطى القيمة أو المثل من عنده على ما صوبه ابن محرز لا عليهما بقدر ما لكل كما قال ابن يونس ، وأما أجرة الذبح والسلخ في مسألة استثناء الجلد وحده فهي على البائع بناء على أن المستثنى مبقى ، وأما على أنه مشترى فقيل على البائع وقيل على المشتري واختار بعضهم أنها عليهما ، وأما في مسألة استثناء الساقط وحده فهي على المشتري بناء على القول بضمان المشتري له في الموت هذا ما نقله ابن عاشر عن ابن عرفة انظر بن وأجرة الذبح والسلخ في استثناء الأرطال ، وكذلك في استثناء الجزء عليهما على قدر الأنصباء لأنهما شريكان ( قوله : إذ ليس له أخذ غيرها ) أي والمشتري داخل على أن يدفع للبائع لحما من المبيع ولا يتوصل إليه إلا بالذبح ( قوله : وخير في دفع رأس ) لما قدم أن المشتري لا يجبر على الذبح في مسألة استثناء الجلد والرأس ذكر أنه يخير بين أن يدفع مثل المستثنى من جلد ورأس أو قيمته وهي أعدل لموافقته القواعد وما ذكره من التخيير مبني على أن المستثنى مبقى لا مشترى وإلا منع أخذ شيء عوضا عنه ، ثم إن محل التخيير حيث لم يذبحها المشتري ، فإن ذبحها تعين للبائع ما استثناه من جلد وساقط إلا أن يفوت فالقيمة ، كذا قيل ، وقيل : يخير بين دفع المثل والقيمة سواء ذبحت أم لا فهما طريقتان ، ورجح بعضهم الطريقة الثانية كما قال شيخنا .

( قوله : وبقية ساقط إلخ ) لو قال المصنف في دفع كرأس كان أشمل لدخول ما ذكره الشارح ( قوله : وهل التخيير للبائع أو للمشتري قولان ) قال ح قال الرجراجي والقولان تؤولا على المدونة والقول بأنه للمشتري أليق بظاهرها قال ابن عرفة وصوبه ابن محرز وهو ظاهرها ا هـ والخلاف وإن كان مفروضا في الجلد في كلام عياض وابن يونس وغيرهما لكن كلام المدونة الذي تؤول عليه القولان صريح في تسوية الجلد والرأس في الحكم فلا يقال : كان على المصنف أن يذكر الخلاف في محله وهو الجلد ا هـ بن ( قوله : لا ضمير المشتري ) أي أو أن نائب الفاعل ضمير عائد على المشتري وذكر القول المعتمد أولى ثم ذكر ما في المسألة من الخلاف كما هو عادته




الخدمات العلمية