الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما كان بيع النقد بنقد غير صنفه يسمى صرفا وبصنفه مسكوكين عددا مبادلة وبه وزنا مراطلة وأنهى الكلام على الأول شرع في حكم الثاني وشروطه فقال ( وجازت ) جوازا مستويا ( مبادلة القليل ) من أحد النقدين بشروط : أن تقع بلفظ المبادلة وأن تكون معدودة وأن تكون قليلة دون سبعة وأن تكون الزيادة في الوزن لا في العدد وأن يكون في كل دينار أو درهم سدسا فأقل وأن تقع على قصد المعروف وصرح المصنف بثلاثة منها فأشار لاشتراط القلة بقوله القليل ولكونها معدودة بقوله ( المعدود ) وقوله ( دون سبعة ) بيان للقليل وأراد به الستة فدون ، وأشار إلى كون الزيادة في كل دينار أو درهم سدسا فأقل بقوله ( بأوزن منها بسدس سدس ) فأقل على مقابله في الجانب الآخر وأشعر قوله بسدس سدس أنه لو كانت الدنانير أو الدراهم من أحد الجانبين مساوية للجانب الآخر جازت في القليل والكثير من غير شرط من شروط المبادلة وهو كذلك

التالي السابق


( قوله : وجازت مبادلة القليل ) أي النقد القليل فالقليل صفة لمحذوف وقد أشار الشارح لذلك حيث قال من أحد النقدين بيانا للقليل .

( قوله : بشروط ) أي ستة ( قوله : وأن تكون معدودة ) أي وأن تكون الدراهم أو الدنانير التي وقعت المبادلة فيها معدودة أي يتعامل بها عددا لا وزنا فلا تجوز المبادلة في الدراهم أو الدنانير المتعامل بها وزنا ولا في أوقية تبر كاملة بأوقية ناقصة ( قوله : وأن تكون قليلة ) أي وأن تكون الدراهم أو الدنانير المبدلة قليلة ( قوله : وأن تكون الزيادة ) أي التي في أحد البدلين في الوزن لا في العدد أي أن تكون زيادة كل واحد على ما يقابله في الوزن لا في العدد وحينئذ فلا بد أن يكون واحدا بواحد لا واحدا باثنين ( قوله : وأن يكون ) أي المزيد في كل دينار أو درهم سدسا فأقل ، قال بن هذا الشرط ذكره ابن شاس وابن الحاجب وابن جماعة لكن قال في القباب أكثر الشيوخ لا يذكرون هذا الشرط وقد جاء لفظ السدس في كلام المدونة وهو محتمل للتمثيل والشرطية ، وقال ابن عرفة أطلق اللخمي والصقلي والمازري والجلاب والتلقين وغير واحد القول في قدر النقص وهو ظاهر ما نقله الشيخ وعزا ابن عبد السلام اشتراط كون النقص سدسا للمدونة وفيه نظر لأنه لم يذكره تحديدا بل فرضا .

( قوله : وأن تقع على قصد المعروف ) أي لا على وجه المبايعة ولا بد في جواز المبادلة من كون الدراهم أو الدنانير مسكوكة وهل يشترط اتحاد السكة أو لا يشترط في ذلك ؟ قولان والمعتمد عدم اشتراط اتحادهما ا هـ وذكر بعضهم أن ما يتعامل به عددا من غير المسكوك حكمه حكم المسكوك ( قوله : وصرح المصنف بثلاثة شروط ) الأولى بأربعة شروط إذ قد أشار إلى اشتراط القلة بقوله القليل وإلى اشتراط كون التعامل بها عددا بقوله المعدود وأشار إلى اشتراط كون الزيادة في الوزن لا في العدد بقوله بأوزن منها وأشار إلى اشتراط كون الزيادة في كل واحد سدسا فأقل بقوله بسدس سدس ( قوله : المعدود ) أي المتعامل به عددا فلا تجوز المبادلة في المتعامل به وزنا كمبادلة أربعة أواق تبر كاملة بأربعة ناقصة ، وكذلك الدنانير إذا تعومل بها وزنا .

( قوله : بسدس سدس ) كرر لفظ السدس لئلا يتوهم أن الزيادة سدس في الجميع ، ومثله إذا كانت الزيادة في كل دينار أو درهم أقل منه كما يرشد له التعليل بسماحة النفس ، وكذا لو كانت الزيادة في بعضها السدس وفي البعض الباقي دون السدس ، وأما لو كانت الزيادة في كل واحد أكثر من السدس أو كانت الزيادة في بعضها سدسا وفي بعضها أكثر من سدس أو كانت في بعضها أقل من سدس وفي البعض الآخر أكثر منه فإنها تمنع ، وسدس الثاني عطف على سدس الأول بحذف العاطف وهو جائز نثرا ونظما عند بعض النحاة ( قوله : من غير شرط إلخ ) ظاهره جواز إبدال واحد كامل باثنين موازنين له وهو كذلك كإبدال ريال بأربعة أرباع ريال موازنة له وما تقدم من أنه يشترط في المبادلة أن تكون واحدا بواحد لا واحدا باثنين مفروض فيما إذا كان هناك زيادة في أحد الجانبين لا مساواة ، كذا قرر شيخنا العدوي رحمه الله والحاصل أن المبادلة إما أن تكون الدراهم والدنانير فيها من أحد الجانبين مساوية للجانب الآخر ، وإما أن تكون غير مساوية بل فيها زيادة من أحد الجانبين ، فإن كانت مساوية جازت المبادلة مطلقا بلا شرط ، وإن كان فيها زيادة من أحد الجانبين فلا يجوز إلا بالشروط السبعة المتقدمة




الخدمات العلمية