الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز لمن اشترى طعاما ، ولو على وجه السلم ( إقالة من الجميع ) أي من جميعه أي جميع طعام المعاوضة قبل قبضه من بائعه بأن يرده لربه ; لأنها حل للبيع ويشترط كون الطعام ببلد الإقالة وكونها بالثمن لا بزيادة ولا نقص ، وإلا لم تجز ; لأنها حينئذ بيع مؤتنف لأجل للبيع وإذا كانت في سلم وجب فيه تعجيل رأس مال السلم لئلا يؤدي لفسخ دين في دين بخلاف تأخيره في غير الإقالة فيجوز ثلاثة أيام كما يأتي ومفهوم من الجميع المنع من الإقالة على البعض وأخذ البعض ، وهو مسلم إن غاب البائع على الثمن المثلي [ ص: 155 ] فإن لم يغب عليه ، أو كان مما يعرف بعينه كعرض جازت من البعض ففي المفهوم تفصيل وبالغ على جواز الإقالة من الجميع بقوله ( وإن تغير سوق شيك ) يا مشتري المدفوع ثمنا في الطعام المقال فيه قبل القبض بغلاء ، أو رخص ; لأن المدار على عينه وهي باقية وعدل عن ثمنك إلى شيك لئلا يتوهم أن المراد بالثمن خصوص العين أي الذهب والفضة ; لأنها الغالب فيه أي ، وإن تغير سوق ثمنك كان عينا ، أو غيره ( لا ) إن تغير ( بدنه ) بزيادة ( كسمن دابة ) دفعها ثمنا وكبرها وزوال عيبها ، أو نقصان كعورها ( وهزالها ) عند البائع فلا تجوز الإقالة ; لأنها بيع مؤتنف لتغير رأس المال فيلزم بيع الطعام قبل قبضه ( بخلاف ) تغير ( الأمة ) بسمن ، أو هزال فلا يفيت الإقالة والعبد أولى وفرق بأن الدواب تشترى للحمها والرقيق ليس كذلك وفهم من ذلك أن الأمة لو تغيرت بعور ، أو قطع عضو لكان ذلك مفيتا ، وهو ظاهر . .

التالي السابق


( قوله أي جميع طعام المعاوضة ) فيه نظر والأولى أن يقول أي جميع المبيع ويدل لذلك ما ذكره من المفهوم بعد ، والحاصل أن معنى المتن أن من اشترى طعاما من شخص يجوز لهما أن يوقعا الإقالة في جميعه قبل قبضه سواء كان الثمن عينا ، أو عرضا غاب عليه البائع أم لا .

( قوله ; لأنها حل للبيع ) أي لا بيع مؤتنف ، وإلا منعت لما فيها من بيع الطعام قبل قبضه ( قوله ويشترط كون الطعام ) أي الذي وقعت الإقالة فيه ببلد الإقالة والأولى حذف ذلك إذ لم نر من ذكر ذلك الشرط هنا ; لأن كلام المصنف في الإقالة في الطعام قبل قبضه ، وهو في ضمان البائع سواء كان في بلد الإقالة ، أو غيرها فكيف يشترط فيه ما ذكر وإنما ذكر هذا الشرط ابن يونس فيما إذا كان الطعام رأس مال السلم فإذا أسلمك طعاما في عرض فلا تصح الإقالة من ذلك العرض إلا إذا كان الطعام في بلد الإقالة ، فإن نقلت ذلك الطعام لمحل بعيد فأقالك صارت الإقالة على تأخير فلا تجوز ; لأنه في ضمانه إلى أن يصل انظر بن ( قوله وجب فيه تعجيل رأس مال السلم ) أي تعجيل رده للمسلم وقوله لفسخ دين أي ، وهو المسلم فيه وقوله في دين أي ، وهو رأس المال المؤخر ( قوله فيجوز ثلاثة أيام ) أي ، ولو بالشرط ; لأن اللازم فيه ابتداء دين بدين ، وهو أخف من فسخ الدين في الدين الذي هو لازم لما هنا ( قوله ، وهو مسلم إن غاب البائع على الثمن المثلي ) أي سواء كان عينا ، أو طعاما ; لأن فيه بيعا وسلفا [ ص: 155 ] فالبيع ما كان من الثمن في مقابلة البعض الذي لم تقع الإقالة فيه والسلف ما كان في مقابلة البعض الذي وقعت فيه الإقالة ( قوله ، فإن لم يغب عليه ) أي إما لعدم قبضه ، أو أنه قبضه ولكنه لم يغب عليه وقوله ، أو كان مما يعرف بعينه كعرض أي سواء غاب عليه أم لا ، والحاصل أنه إذا كان رأس المال عرضا يعرف بعينه غاب عليه المسلم إليه أم لا ، أو كان عينا ، أو طعاما لا يعرف بعينه ولم يقبضه المسلم إليه ، أو قبضه ولم يغب عليه جازت الإقالة في البعض ، وإن كان عينا وطعاما وقبضه المسلم إليه وغاب عليه لم تجز الإقالة في البعض .

( قوله دفعها ثمنا ) أي في الطعام الذي أريد الإقالة منه ( قوله بخلاف تغير الأمة ) أي المدفوعة ثمنا في الطعام الذي أريد الإقالة منه وظاهره كانت أمة وطء أم لا ( قوله وفرق إلخ ) فيه أن هذا إنما يقتضي مخالفة الدواب المأكولة اللحم للرقيق مع أن الدابة ، ولو كانت غير مأكولة تغيرها يمنع من الإقالة وما ذكره المصنف من مخالفة الرقيق للدابة طريقة من طرق ثلاث ، والثانية إنما يراد من الرقيق الخدمة كالدابة ، وهي طريقة ابن عرفة والثالثة طريقة يحيى الرقيق والدواب سواء في أن تغيرها بالسمن والهزال مانع من الإقالة قال ابن يونس هذا هو الصواب .




الخدمات العلمية