الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( درس )

ولما كانت الجائحة من متعلقات الثمار شرع في بيانها فقال ( وتوضع جائحة الثمار ) عن المشتري والمراد بها هنا مطلق ما ينبت لا بالمعنى المصطلح عليه فقط فيشمل ما ييبس كالتمر والعنب والجوز واللوز وما لا ييبس كالخوخ والموز والأترج وما كان بطونا ولا يحبس أوله على آخره بل يؤخذ شيئا فشيئا كالمقاثي والورد والياسمين ولذا مثل بقوله ( كالموز والمقاثي ) المراد بها ما يشمل القثاء والخيار والبطيخ والقرع والباذنجان فالكاف ليست للتشبيه إلا إذا أريد بالثمار حقيقتها العرفية ( وإن بيعت على الجذ ) وأجيحت في مدة تجذ فيها [ ص: 183 ] عادة أو بعدها وقد منع مانع من جذها فيها على عادتها أو شرط أن يأخذ شيئا فشيئا في مدة معينة وأجيحت فيها ( وإن ) كانت الثمرة ( من عريته ) بأن اشتراها معريها بخرصها فأجيحت فتوضع عنه لأنها مبيعة ولا تخرجها الرخصة عن ذلك خلافا لأشهب ( لا ) إن كانت من ( مهر ) فليس للزوجة قيام بجائحتها على الزوج لبناء النكاح على المكارمة هذا قول ابن القاسم ولكن المعتمد الذي به الفتوى أن فيه الجائحة فكان على المصنف أن يقول ولو من عرية أو مهر والرد في الأول على أشهب وفي الثاني على ابن القاسم

التالي السابق


( قوله وتوضع جائحة الثمار ) الجائحة مأخوذة من الجوح وهو الهلاك واصطلاحا ما أتلف من معجوز عن دفعه عادة قدرا من ثمر أو نبات بعد بيعه كذا عرفها ابن عرفة وقوله من معجوز بيان لما وقوله قدرا مفعول أتلف وأطلق في القدر لأجل أن يعم الثمار وغيرها لأن الثمار وإن اشترط فيها كون التالف ثلثا لكن البقول لا يشترط فيها ذلك وإنما وضعت جائحة الثمار عن المشتري لما بقي على البائع في الثمرة من حق التوفية ( قوله والمراد بها ) أي بالثمار ( قوله وما كان بطونا ) الأولى وما كان بطنا واحدا كما مر وما كان إلخ ( قوله والباذنجان ) أي والبامية والفول الأخضر وأشار بهذا إلى أن المراد بالمقاثي ما يشمل ما ذكر ( قوله إلا إذا أريد بالثمار حقيقتها العرفية ) أي وأما إذا أريد بها ما ينبت الصادق بالمعنى العرفي وغيره فالكاف للتمثيل ( قوله وإن بيعت على الجذ ) أي هذا إذا بيعت على التبقية لأجل أن ينتهي طيبها بل وإن بيعت على الجذ أي القطع وعدم التأخير لانتهاء طيبها فإن قلت هذا يعارض قول المصنف الآتي وبقيت لينتهي طيبها ووجه المعارضة أنه اشترط في وضع [ ص: 183 ] الجائحة التبقية فيفيد أنها إذا بيعت على الجذ لا توضع جائحتها وهذا ينافي المبالغة هنا وحاصل الجواب أن في المسألة أعني ما إذا وقع البيع على الجذ قولين مشى هنا على قول وهو وضع الجائحة وفيما يأتي على قول وهو عدم وضعها والراجح ما هنا ا هـ عدوي واعلم أن محل الخلاف فيما إذا بيعت بعد انتهاء طيبها على الجذ فأبقاها المشتري فأجيحت بعد أيام الجذ المعتاد مع تمكنه من جذها فيها كما يأتي وأما لو بيعت على الجذ وأجيحت في مدته المعتادة أو بعدها وقد منع مانع من جذها فيها فلا خلاف في وضعها .

( قوله عادة ) أي على ما جرت به العادة أو بعدها أي أو حصلت الجائحة بعد انقضاء المدة التي تجذ فيها بحسب العادة والحال أنه منع إلخ ( قوله فتوضع عنه ) أي من الخرص كما توضع عمن اشترى ثمرا بدراهم إن بلغت الجائحة ثلث المكيلة ( قوله عن ذلك ) أي عن كونها مبيعة وقوله خلافا لأشهب أي القائل بأنها لا توضع جائحتها لأن العرية مبنية على المعروف ومحل الخلاف إذا أعراه ثمر نخلات ثم اشترى عريته بخرصها أما لو اشتراها بعين أو عرض فإن الجائحة من المعرى بالفتح وحينئذ فتحط عن المشتري وهو المعري بالكسر اتفاقا وإن أعراه أوسقا من حائطه ثم اشتراها منه ثم أجيح ثمر الحائط فلم يبق إلا مقدار تلك الأوسق فلا قيام للمعري بالجائحة ولا تحط عنه اتفاقا فالمسألة ذات صور ثلاث طرفان وواسطة ( قوله ولكن المعتمد إلخ ) ونص ابن عرفة وفي لغوها في النكاح لبنائه على المعروف وثبوتها لأنها عوض قولا العتبي عن ابن القاسم وغير واحد عن ابن الماجشون وصوبه الصقلي واللخمي ا هـ وقوله لأنها عوض أي للبضع ومحل الخلاف إذا كان المهر ثمرا وأما لو كان المهر غير ثمر عوضت فيه ثمرا ففيه الجائحة اتفاقا .

{ تنبيه } لا جائحة في الثمرة المدفوعة خلعا ولو على القول بثبوتها في المهر وذلك لضعف الخلع عن الصداق بجواز الغرر فيه دون الصداق




الخدمات العلمية