الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 225 ] ( والقاضي ) كذلك ومحل الحرمة على الدافع للقاضي إلا أن لا يمكنه خلاص حقه أو دفع مظلمته عنه بدونه فالحرمة على القاضي فقط ( ومبايعته ) أي من تحرم هديته من مدين وذي جاه وقاض تحرم مبايعته ( مسامحة ) أي بغير ثمن المثل فإن وقع رد إلا أن يفوت فالقيمة في المقوم والمثل في المثلي ( أو جر منفعة ) الأحسن كونه مصدرا مرفوعا مضافا لمنفعة معطوفا على هديته كما في بعض النسخ أي وحرم في القرض جر منفعة ( كشرط ) قضاء ( عفن بسالم ) والعادة كالشرط ( أو ) شرط دفع ( دقيق أو كعك ببلد ) غير بلد القرض ولو لحاج لما فيه من تخفيف مؤنة حمله ، ومفهومه الجواز مع عدم الشرط وهو كذلك ( أو ) شرط دفع ( خبز فرن بملة ) بفتح الميم اسم للرماد الحار الذي يخبز به أو للحفرة التي يجعل فيها الرماد الحار لذلك أي بخبز ملة لحسن خبزها على خبز الفرن ( أو عين ) أي يحرم قرضها إذا ( عظم حملها ) ليأخذ بدلها بموضع آخر ليدفع عن نفسه أجرة الحمل وغرر الطريق والمراد بالعين الذات الشامل للعرض والمثلي .

التالي السابق


( قوله والقاضي كذلك ) أي تحرم الهدية له إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب ، هذا ظاهره وهو مبني على أحد القولين الآتيين له في باب القضاء من أن في جواز الهدية له بعد الولاية إذا كان معتادا لها قبل الولاية قولين ( قوله مبايعته مسامحة ) أي وأما بيعه بغير مسامحة فقيل يجوز ، وقيل يكره واستظهر الأول ، وأما عكس كلام المصنف وهو شراء المدين من رب الدين مسامحة فيكره لاحتمال حمل المدين على زيادة في السلف ( قوله معطوفا ) الأولى زيادة الواو كما هو الواقع في كلام ابن غازي ولأن كونه مصدرا معطوفا على هديته لم تختلف فيه النسخ وإنما اختلفت بالعطف بأو والواو وإنما كان العطف بالواو أحسن ; لأن أو توهم أن الممنوع أحد الأمرين وإن أجيب عنه بأن أو بمعنى الواو أو أنها للتنويع إذ الهدية نوع من المحرم وهذا نوع آخر ، وإنما كان جعله مصدرا مضافا أحسن ; لأن جعله فعلا ماضيا و " منفعة " مفعوله فهو إما صلة لمحذوف أي أو ما جر منفعة وحذف الموصول وإن جاز فلا بد من دليل يدل عليه كما في { وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم } ولا دليل هنا وإما صفة لمحذوف أي أو قرض جر منفعة ، وحذف الموصوف بالجملة لا ينقاس إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو بفي نحو منا ظعن ومنا أقام أي منا فريق ظعن وفريق أقام وكما في قوله : إن قلت

ما في قومها لم تيثم يفضلها في حسب وميسم

أي أحد يفضلها وهنا ليس كذلك ، وأما

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

أي أنا ابن رجل جلا فشاذ ( قوله أي وحرم في القرض جر منفعة ) أي للمقرض ولو كانت تلك المنفعة قليلة قال في المج ومن ذلك فرع مالك وهو أن يقول شخص لرب الدين أخر المدين وأنا أعطيك ما تحتاجه ; لأن التأخير سلف نعم إن قال له أخره وأنا أقضيه عنه جاز ( قوله أو شرط دفع دقيق ) الأولى أن يعبر بقضاء هنا وفيما بعده لأجل أن يظهر جر المنفعة للمقرض ( قوله ولو لحاج ) أي خلافا لما في الحمديسية من جواز ذلك ولو مع الشرط للحاج ونحوه ( قوله أي بخبز ملة ) أشار الشارح إلى أنه على هذين القولين في الملة في الكلام حذف مضاف ، وقيل إن الملة اسم لما يخبز في الرماد الحار الذي في الحفرة وعلى هذا فلا يحتاج لتقدير خبز في كلام المصنف ومفهوم قول المصنف وخبز فرن بملة إن قرض خبز فرن بمثله وخبز ملة بمثله الجواز مع تحري ما في الخبزين من الدقيق ولا يكفي وزنهما من غير تحر كما مر في قوله واعتبر الدقيق في خبز بمثله وذكره ابن عرفة هنا ، ثم ذكر عن اللخمي أنه يعتبر وزنهما ، وقد تقدم أن شيخنا اعتمد الاكتفاء بالمماثلة في العدد في قرض الخبز ; لأنه مما يتسامح فيه وهذا كله إذا كانا من جنس واحد ربوي ، فإن كانا من جنسين أو من جنس غير ربوي فإنه يعتبر وزنهما فقط .

{ تنبيه } خبز الملة هو المشهور بالفطير الدماسي ( قوله والمراد إلخ ) فيه أنه إذا كان المراد ما ذكر فالمناسب إسقاط قوله أو دقيق أو كعك ببلد ; لأنهما من جزئيات قوله أو عين عظم حملها تأمل . ( قوله والمثلي ) أي سواء كان نقدا أو طعاما كالدقيق والكعك .




الخدمات العلمية