ولما ذكر الصلح المعجل ذكر ما إذا كان بمؤخر ولا يكون إلا عن إقرار فقال ( وإن صالح ) من له حق ( بمؤخر ) من جنسه أو غيره ( عن مستهلك ) من عرض أو حيوان أو طعام ( لم يجز ) ; لأنه فسخ دين في دين إذ باستهلاك الشيء لزمت قيمته المستهلك فأخذ عنها مؤخرا ومعلوم أن فسخ الدين في الدين إنما يمتنع في غير جنسه أو في جنسه بأكثر فإن سلم من ذلك جاز كما أفاده بالاستثناء في قوله ( إلا ) أن يصالحه ( بدراهم ) مؤخرة وهي ( كقيمته فأقل ) فيجوز إذ حاصله أنه أنظره بالقيمة وهو حسن اقتضاء ( أو ) على ( ذهب كذلك ) أي قدر قيمة المستهلك فأقل مؤخرا ولو قال إلا بنقد كقيمته فأقل لكان أخصر فإن كان أكثر من قيمته منع [ ص: 324 ] لأنه سلف جر نفعا ولو كان بدراهم أو بذهب حالين لجاز من غير اعتبار قوله كقيمته إلخ وأشار لشرط الجواز في المسألتين بقوله ( وهو ) أي المستهلك لا قيمته ( مما يباع به ) أي بما صولح به من دراهم أو دنانير احترازا عما لو كان المستهلك ذهبا فصالح بفضة أو عكسه فيمنع التأخير للصرف المؤخر وعما لو كان المستهلك طعاما مكيلا فلزمه مثله فيمنع أن يأخذ عنه شيئا مؤخرا ; لأنه فسخ دين في دين بخلاف مثلي من طعام أو غيره مجهول القدر فتلزم فيه القيمة فهو داخل في كلامه ( كعبد آبق ) تشبيه تام فيما قبله لا تمثيل ; لأنه ليس مستهلكا ومعناه أن من غصب عبدا فأبق من الغاصب فإنه يلزمه قيمته لربه ولا يجوز له أن يصالح عنها بعرض مؤخر ولا بعين أكثر منها مؤخرة بخلاف قدرها فأقل فيجوز وليس هذا من باب بيع الآبق ; لأن الغاصب يضمن القيمة بالاستيلاء على المغصوب كما يضمن المستأجر والمستعير ونحوهما بتفريطه حتى أبق أو تلف


