الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن اشترى ) أحد الشريكين من مال الشركة ( جارية لنفسه ) بغير إذن شريكه لخدمة أو وطء ولم يطأ ( فللآخر ردها ) للشركة وإمضاؤها بالثمن ، فإن وطئ كانت له بالقيمة يوم الوطء أو الحمل إن حملت ولا خيار لشريكه الآخر كما أفاده بقوله ( إلا ) أن يكون اشتراها ( للوطء ) ووطئ بالفعل ( بإذنه ) أي إذن شريكه فليس له ردها واعترض بأن العبرة بالوطء أو الإذن فمتى وطئ ولو لم يأذن أو أذن له في شرائها ولو لم يطأ قومت عليه فالأصوب ما في بعض النسخ بالوطء أو بإذنه لكن في الإذن يمضي بالثمن ; لأنه كان أسلفه نصف ثمنها وفي الوطء بالقيمة .

( وإن وطئ جارية ) اشتريت ( للشركة ) فله ثلاث حالات إحداها أن يطأها ( بإذنه ) فتقوم عليه مطلقا حملت أم لا أيسر أم لا ، ولا حد عليه للشبهة لكن إذا لم تحمل وأعسر بيعت فيما وجب لشريكه من القيمة ولا ترد للشركة وإن حملت كانت أم ولد لم تبع ولو أعسر وإنما يتبعه بماله من القيمة ولا شيء له من قيمة الولد لتخلفه على الحرية بالإذن في الوطء ، ثانيها أشار لها بقوله ( أو ) وطئها ( بغير إذنه وحملت قومت ) على واطئها وجوبا إن أيسر وجوازا إن أعسر إذ لشريكه إبقاؤها للشركة في الإعسار ، فإن اختار التقويم فله أن يتبعه بماله من القيمة وأن يلزمه ببيع نصيبه منها أي نصيب غير الواطئ بعد وضعها ولا يباع الولد لحريته ، فإن لم يوف ثمن نصيبه بما وجب له من القيمة اتبعه بالباقي كما يتبعه بحصة الولد في قسمي التخيير حالة العسر لا في يسره ; لأنه وإن وطئها بلا إذنه لكنه بيسره قد ملك جميعها بالقيمة [ ص: 359 ] بمجرد الإيلاج وقيمتها في العسر يوم الحمل وفي اليسر قبل يوم الوطء وقيل يوم الحمل قولان في المدونة فقوله وحملت قيد في الحالة الثانية وأشار للحالة الثالثة بقوله ( وإلا ) تحمل في الوطء بغير إذن ( فللآخر إبقاؤها ) للشركة ( أو مقاواتها ) بأن يتزايد فيها حتى تقف على عطاء أحدهما فيأخذها به لكن الذي به الفتوى تقويمها على الواطئ أي يخير غير الواطئ في إبقائها وتقويمها على الواطئ ، فإن اختار القيمة أخذها من الواطئ إن أيسر واتبعه إن عسر أو يلزمه ببيع ما يفي بحصته منها وتعتبر القيمة يوم الوطء .

التالي السابق


( قوله ولم يطأ ) أي واطلع شريكه على ذلك قبل أن يطأ ( قوله ، فإن وطئ ) أي ، فإن اطلع شريكه على ذلك بعد أن وطئ ( قوله أو الحمل إن حملت ) ظاهر كلام ابن عرفة أن القيمة تعتبر يوم الوطء إذا حملت وهو المعتمد وما ذكره الشارح من أنه إذا وطئها ولم تحمل تكون له بالقيمة ولا خيار لشريكه الآخر خلاف المعتمد والمعتمد ما في ح من أنها إذا لم تحمل سواء وطئت أو لم توطأ فإن غير الواطئ يخير في ردها للشركة أو تقويمها على الواطئ يوم الوطء وبهذا تعلم أن التخيير هنا في كلام المصنف مقيد بما إذا لم تحمل سواء وطئت أم لا لا بما إذا لم توطأ كما قال الشارح انظر بن ( قوله إلا أن يكون اشتراها للوطء بإذنه ) معنى هذه النسخة إلا أن يكون اشتراها للوطء بإذنه فلا يلزمه إلا الثمن وطئ أم لا ، ولا خيار للآخر ، وهذا هو الوجه الثاني في كلام التوضيح إلا أنه لا مفهوم للوطء ; لأنه متى اشتراها بإذنه سواء كان الشراء للوطء أو لغيره فلا يلزمه إلا الثمن وطئها أم لا ولا خيار لشريكه انظر بن .

والحاصل أنه إذا اشتراها لنفسه فإما أن يكون بإذن شريكه أو لا وفي كل منهما إما أن تحمل أو لا فإذا اشتراها بإذنه فلا يلزمه إلا الثمن موسرا أو معسرا وطئ أم لا ولا خيار لشريكه ، وإن اشتراها بغير إذن شريكه خير شريكه إذا لم تحمل بين ردها للشركة وإلزامها له الثمن هذا إذا لم توطأ وإن وطئت خير بين ردها للشركة وإلزامها له بالقيمة ، فإن حملت قومت عليه يوم الوطء موسرا كان أو معسرا ولا خيار لشريكه .

( قوله واعترض إلخ ) حاصله أن العبرة في تقويمها على الواطئ بالوطء أو الإذن في شرائها وكلام المصنف يفيد أن غير الوطء مخير في ردها للشركة وتقويمها على المشتري ولو وطئها فكان الأولى للمصنف أن يقول فللآخر ردها إلا أن توطأ أو يكون المشتري اشتراها بإذن شريكه وهذا الاعتراض مبني على ما قاله من أن مجرد وطئها ولو لم تحمل يفيت خيار غير الواطئ وقد علمت ما فيه .

( قوله يمضي ) أي الشراء ( قوله فتقوم عليه مطلقا ) أي وتعتبر القيمة يوم الوطء ( قوله بيعت فيما وجب لشريكه من القيمة ) أي أجبر على بيعها فلا ينافي أنه إذا كان موسرا كان له أيضا بيعها فيما وجب لشريكه من قيمتها إلا أنه لا يجبر على البيع ( قوله ولا ترد للشركة ) أي ; لأن إذنه له في وطئها إخراج لها عن مال الشركة وتمليك لشريكه ( قوله بالإذن ) أي بسبب الإذن في الوطء أي للزوم القيمة للواطئ يوم الوطء فهو أي الولد متخلق على الحرية حينئذ .

( قوله ، وإن لزمه ببيع نصيبه منها إلخ ) علم مما ذكره أن عدهم أمة الشركة من المسائل التي تباع فيها أم الولد محمول على ما إذا وطئها معسرا بغير إذن الآخر وأنه إنما يباع منها في هذه الحالة نصيب شريكه لا كلها خلافا لما يوهمه كلام ابن ناجي من بيعها كلها في هذه الحالة انظر عبق ، وقد اقتصر في المج على بيعها فتأمل ( قوله في قسمي التخيير ) أي بين إبقائها للشركة وبين تقويمها عليه والولد ، وإن كان لا يباع [ ص: 359 ] فيهما لكن يغرم الواطئ فيهما نصف قيمته لشريكه ( قوله بمجرد الإيلاج ) هذا أحد القولين المذكورين بعد ( قوله قولان ) تظهر فائدة الخلاف في الولد هل يلزم له قيمة أم لا ، فإن قلنا : إن القيمة تعتبر يوم الحمل غرم الواطئ حصة شريكه في الولد ، وإن قلنا يوم الوطء فلا يلزمه شيء لتخلق الولد على الحرية ( قوله أو مقاواتها ) المقاواة هي المزايدة في الثمن ( قوله واتبعه ) أي بالقيمة ( قوله أو يلزمه ) عطف على قوله واتبعه




الخدمات العلمية