الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) قضي ( بهدم بناء في طريق ) نافذة أولا ( ولو لم يضر ) بالمارة ; لأنها وقف لمصلحة المسلمين فليس لأحد أن يبني بها شيئا ، فإن كان أصلها ملكا لأحد بأن كانت دارا له وانهدمت حتى صارت طريقا لم يزل ملكه عنها وقيده بعضهم بما إذا لم يطل الزمان حتى يظن إعراضه عنها فليس له فيها كلام ( و ) قضي ( بجلوس باعة ) أصله بيعة بفتح الياء جمع بائع كحائك وحاكة وصائغ وصاغة تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ( بأفنية الدور ) وهي ما فضل عن المارة من طريق واسع نافذ كان بين يدي بابها أولا فلا فناء لضيق أو غير نافذ ( للبيع ) أي لأجله لا لنحو حديث ( إن خف ) البيع أو الجلوس ، فإن كثر ككل النهار أو أضر بالمارة منع فضلا عن القضاء به وفناء المسجد كفناء الدور قيل ثم الراجح جواز كراء الأفنية خلافا لما يفيده التتائي فتأمله .

( و ) قضي ( للسابق ) من الباعة للأفنية إن نازعه فيه غيره ولو اشتهر به ذلك الغير ( كمسجد ) تشبيه في القضاء للسابق من مكان منه وهذا ما لم يكن غير السابق اعتاد الجلوس فيه لتعليم علم كتدريس أو تحديث أو إقراء أو إفتاء فإنه يقضى له به كما يفيده قول الإمام فإنه أحق به من غيره وقال الجمهور أحق به استحسانا لا وجوبا أي [ ص: 369 ] إن الحاكم يقول لمن نازعه الأولى لك والأحسن عند الله تعالى أن تنحى عنه لمن اتسم به فيكون كلامه خارجا مخرج الفتوى لا الحكم والظاهر أن اختصاصه به إنما هو في الوقت الذي اعتاد الجلوس فيه لما ذكر لا بوقت آخر ولا بما اعتاده والده ولا إن سافر سفر انقطاع ثم قدم

التالي السابق


( قوله ، فإن كان أصلها ) أي الطريق ( قوله لم يزل ملكه عنها ) أي وحينئذ فلا يمنع من البناء فيها ( قوله بما إذا لم يطل الزمان إلخ ) قال شيخنا والطول عشرة أعوام على الظاهر .

( قوله فليس له فيها كلام ) أي فإذا أراد البناء فيها فإنه يمنع من ذلك ويهدم بناؤه إذا بنى ( قوله وهي ما فضل إلخ ) أي وأفنية الدور التي يقضى بجلوس الباعة فيها على ما زاد على مرور الناس في طريق واسعة نافذة ( قوله فلا فناء لضيق إلخ ) أي لا فناء للدور التي في طريق ضيق أو غيره نافذة أي لا فناء فيها يمكن منه الجالس ; لأن الحق في غير النافذة لخصوص أهل دورها والحق في النافذة لعامة المسلمين فيمنع من ضيق عليهم .

والحاصل أنه إنما يقضى بجلوس الباعة بأفنية الدور بشروط أربعة إن خف الجلوس وكان لا يضر بالمارة لاتساع الطريق وأن تكون الطريق نافذة وأن يكون جلوسهم للبيع ( قوله لا لنحو حديث ) أي لا يقضى بجلوسهم لنحو حديث بل يمنع فضلا عن القضاء به ( قوله وفناء المسجد كفناء الدور ) أي في كونه يقضى بجلوس الباعة فيه إن خف ولم يضيق على مار ( قوله ثم الراجح جواز كراء الأفنية ) أي سواء كانت أفنية دور أو حوانيت فيجوز لصاحب الدار أو الحانوت أخذ الأجرة من الباعة الذين يجلسون كثيرا في فناء داره أو حانوته ففي المواق سمح عيسى بن القاسم لأصحاب الأفنية التي انتفاعهم بها لا يضيق على المارة أن يكروها ابن رشد ; لأن كل ما للرجل أن ينتفع به يجوز أن يكريه ا هـ . وهو يشمل بعمومه فناء الحوانيت وغيرها وبه يسقط تنظير عبق في فناء الحوانيت ا هـ بن .

( قوله خلافا لما يفيده تت ) أي من منع كرائها وقد علمت أن النقل عن ابن القاسم خلافه ( قوله كمسجد ) أي كما أن من سبق غيره بالجلوس في محل من المسجد لأجل صلاة أو قراءة قرآن أو علم فإنه يقضى له به وإذا قام لقضاء حاجة أو تجديد وضوء فهو أحق به إذا رجع إليه لما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال { إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به } ا هـ بن وهل يكفي السبق بالفرش فيه أو لا بد أن يكون بذاته ، وأما السبق بالفرش فهو تحجير لا يجوز خلاف ذكره ح ( قوله فإنه يقضي له ) أي لذلك المعتاد بذلك المحل ويقام السابق الذي سبق إليه منه .

( قوله وقال الجمهور أحق به ) أي وقال الجمهور معنى قول الإمام أحق به استحسانا لا وجوبا ولكن رجح القول بالقضاء حقيقة للمشتهر [ ص: 369 ] قوله أن الحاكم يقول لمن نازعه ) أي يقول للسابق الذي نازع المعتاد ( قوله فيكون كلامه له ) أي فيكون كلام الحاكم للسابق




الخدمات العلمية