الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) لزمه في قوله له عندي ( مال ) وسواء قال عظيم أم لا ( نصاب ) أي من مال المقر من ذهب ، أو فضة ، أو غيرهما ، والمراد نصاب زكاة لا سرقة ( ، والأحسن تفسيره ) أي المال ولو بقيراط ، أو حبة ، أو درهم ، والمعتمد الأول وشبه في التفسير أي في قبوله [ ص: 406 ] مشهورا بقوله ( كشيء وكذا ) أي إذا قال له عندي ، أو في ذمتي شيء ، أو له كذا فإنه يقبل منه تفسيره بيمين ولو بأقل من واحد كامل بأن قال هو نصف درهم مثلا ( وسجن له ) أي للتفسير أي لأجله إذا لم يفسر ( وكعشرة ونيف ) يقبل تفسير النيف بيمين ولو بواحد فقط ، والنيف يشدد ويخفف ما زاد على العقد حتى يبلغ العقد الثاني ، وأما البضع بالكسر فمن ثلاثة إلى تسعة ( وسقط ) شيء بقرينة ما يأتي ( في ) قوله عندي ( كمائة وشيء ) وكذا إذا قدم شيء ; لأنه مجهول مع معلوم بخلافه مفردا كما مر وقيد ابن الماجشون السقوط بما إذا مات المقر ، أو تعذر سؤاله .

التالي السابق


( قوله وسواء قال عظيم أم لا ) نحوه لبعض الشراح وفي ابن الحاجب أنه إذ قال عندي مال عظيم فيه خمسة أقوال نصاب الزكاة نصاب السرقة يلزمه زيادة على النصاب اللازم له في الإقرار بالمال المطلق الذي لم يقيد بعظيم ويرجع في تلك الزيادة لتفسيره تلزمه الدية ، والخامس يؤمر بتفسيره ويلزمه ما فسر به ( قوله أي من مال المقر ) أي ولا ينظر لمال أهل المقر له عند التحالف فإن كان المقر من أهل الذهب لزمه نصاب من الذهب ، وإن كان من أهل الفضة لزمه نصاب منها ، وإن كان من أهل الماشية لزمه نصاب منها ، وإن كان من أهل الحب لزمه نصاب منه فلو كان عنده الذهب ، والفضة ، والإبل ، والبقر ، والغنم ، والحب ، أو ثلاثة مثلا من ذلك لزمه أقل الأنصباء قيمة ; لأن الأصل براءة الذمة فلا تلزم بمشكوك فيه ولذا لو قال له علي نصاب لزمه نصاب السرقة ; لأنه المحقق إلا أن يجري العرف بنصاب الزكاة ، وإلا لزمه ، وهذا كله على أن المراد بالنصاب نصاب الزكاة ( قوله ، والمراد إلخ ) أي ; لأن الله تعالى أطلق المال على نصاب الزكاة فقال { خذ من أموالهم صدقة } فعنى بالأموال النصابات ، والقول بلزوم نصاب الزكاة هو المعتمد خلافا لمن قال يلزم المقر بالمال نصاب السرقة ، وهو ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم ، أو ما يساوي ذلك من العروض وخلافا لمن قال يلزم بتفسيره ( قوله ، والأحسن ) أي على ما في كتاب ابن سحنون تفسيره فإن فسره فلا كلام ويلزمه ما فسر به من قليل ، أو كثير فإن أبى سجن حتى يفسره ( قوله ولو بقيراط ، أو حبة ، أو درهم ) فإن ادعى المقر له أكثر مما فسر به حلف المقر فإن نكل حلف المقر له واستحق ما حلف عليه هذا كله على القول [ ص: 406 ] بلزوم تفسيره المال وقد علمت أنه ضعيف فإن تعذر التفسير على هذا القول بأن مات المقر قبله فالظاهر أنه يقبل قول المقر له بيمين .

( قوله مشهورا ) أي قولا مشهورا ومقابله بطلان الإقرار من أصله ( قوله ولو بأقل من واحد ) كذا قال ابن عرفة خلافا لقول ابن عبد السلام وتبعه في التوضيح لا يفسر إلا بواحد كامل فأكثر ومحل حلف المقر إن ادعى المقر له أكثر مما فسر به فإن نكل حلف المقر له واستحق ما حلف عليه ( قوله للتفسير ) أي لتفسير الشيء وكذا بدون مميز ، وإذا حبس للتفسير فلا يخرج من السجن حتى يفسر ( قوله وكعشرة ونيف ) أي فإذا قال علي عشرة من الدراهم ونيف فإنه يقبل تفسيره النيف وقوله ولو بواحد فقط أي ، أو بأقل من واحد ، أو بأكثر منه ومثل ما إذا عطف النيف كالمثال ما إذا أفرده كما إذا قال له نيف من الدراهم فيلزمه تفسيره ويقبل تفسيره له بدرهم كامل وبأقل وبأكثر وقيل لا يقبل في تفسير النيف الكسر مطلقا سواء أفرد ، أو عطف ( قوله ما زاد على العقد ) أي من جنس الكامل كما قيل وقيل إنه مطلق ما زاد على العقد ولو كسرا وعلى هذا فيقبل منه تفسير النيف بالأقل من الواحد الكامل لا على الأول ( قوله بالكسر ) أي بكسر الباء ( قوله وسقط شيء إلخ ) حاصله أنه إذا قال له علي عشرة وشيء ، أو مائة وشيء ، أو ألف وشيء فإن الشيء الزائد على الجملة يسقط ; لأنه مجهول ( قوله بقرينة ما يأتي ) أي إن ما يأتي قرينة على أن فاعل سقط ضمير الشيء لا ضمير الإقرار .

( قوله وكذا إذا قدم شيء ) أي بأن قال له عندي شيء ومائة وقد يقال إنه يعكر على هذا قول بن وجه السقوط في له علي مائة وشيء مثلا كما يفيده ابن عبد السلام ، والتوضيح أن العرف إنما يقال مائة وشيء إذا أريد تحقيق المائة أي إنها مائة كاملة كما يقال فلان رجل ونصف أي كامل في الرجولية فإذا لم يكن عرف بذلك فلا يسقط ووجب تفسيره ا هـ .

وظاهر أنه لا يتأتى إلا في تأخير شيء لا في تقديمه فتأمل ( قوله بخلافه مفردا ) أي بخلاف ما إذا قال له علي شيء مفردا فإنه يجب عليه تفسيره كما أنه لو قال له علي عشرة إلا شيئا اعتبر الشيء وطولب بتفسيره ( قوله وقيد ابن الماجشون السقوط ) أي سقوط الشيء بما إذا تعذر سؤاله ، وأما إذا لم يتعذر سؤاله فلا بد من تفسيره ، وهو مخالف لظاهر المصنف وابن الحاجب وابن شاس من السقوط مطلقا ولو وجد المقر ، وأمكن تفسيره ، وإن كلام ابن الماجشون مقابل لا تقييد .




الخدمات العلمية