[ درس ] ( فصل ) .
( وإن بمعنى قام مالكها وليس المراد به الاستحقاق المعروف الذي هو رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله ، إذ الكلام في الغاصب ، والمتعدي ( فإن لم ينتفع بالزرع ) بأن لم يبلغ أحد الانتفاع به ظهر ، أو لم يظهر ( أخذ بلا شيء ) في مقابلة البذر ، أو العمل ، وإن شاء أمره بقلعه ( وإلا ) بأن بلغ حد الانتفاع به ولو لرعي ( فله ) أي للمستحق ( قلعه ) أي أمر ربه بقلعه وتسوية الأرض ( إن لم يفت وقت ما تراد ) الأرض ( له ) مما زرع فيها خاصة كقمح ، أو فول ويحتمل مما زرع فيها وغيره كما قاله زرع ) غاصب لأرض ، أو لمنفعتها ( فاستحقت ) أي الأرض ، وهو ظاهر ابن رشد المصنف ولكن الأول أرجح .
وأشار لقسيم قوله فله قلعه ، وهو الشق الثاني من التخيير بقوله ( وله أخذه بقيمته ) مقلوعا ( على المختار ) بعد إسقاط كلفة قلعه لو قلع [ ص: 462 ] إذا كان الغاصب شأنه أن لا يتولاه كما تقدم ( وإلا ) بأن فات وقت ما تراد له ( فكراء السنة ) يلزم الغاصب ، ثم شبه في كراء السنة لا بقيد فوات الإبان قوله ( كذي شبهة ) من مشتر ووارث ومكتر منهما ، أو من غاصب ولم يعلموا بالغصب ، والمعنى أن من فليس للمستحق إلا كراء تلك السنة وليس له قلع الزرع ; لأن الزارع غير متعد فإن فات الإبان فليس للمستحق على الزارع شيء ; لأنه قد استوفى منفعتها ، والغلة لذي الشبهة ، والمجهول للحكم كما يأتي فقد علم أن التشبيه في لزوم كراء السنة فقط لا بقيد فوات الإبان ( أو جهل حاله ) أي حال الزارع هل هو غاصب أم لا فكالتي قبلها حملا له على أنه ذو شبهة إذ الأصل في الناس عدم العداء زرع أرضا بوجه شبهة بأن اشتراها ، أو ورثها ، أو اكتراها من غاصب ولم يعلم بغصبه ، ثم استحقها بها قبل فوات ما تراد له تلك الأرض
ومعنى الفوات أن الكراء لا ينفسخ ( فيما بين مكر ) للأرض ( ومكتر ) منه بكراء معين كعبد فاستحق الكراء وليس للمكري إذا أخذ المستحق شيأه منه إلا الرجوع على المكتري بكراء أرضه وتبقى الأرض له كما كانت أولا ، فإن استحق قبل الحرث انفسخ الكراء ، وأخذ المكري أرضه ولا يصح حمل كلامه على استحقاق الأرض ; لأنه إذا استحقت الأرض لم يبق للمكري كلام ، حرثها المكتري أم لا ، وبقي الكلام بين مستحق الكراء ، والمكتري بينه بقوله ( وللمستحق ) لكراء الأرض ( أخذها ) أي الأرض من المكتري إذا سلم الكراء للمكري ( ودفع كراء الحرث ) للمكتري [ ص: 463 ] ( فإن أبى ) المستحق من دفع ما ذكر للمكتري ( قيل له ) أي للمكتري ( أعط ) المستحق ( كراء سنة ) ، أو سنتين ( وإلا أسلمها ) بحرثها مجانا ( بلا شيء ) وعلى هذا فقوله وللمستحق إلخ من تتمة ما قبله ويحتمل أنه في استحقاق الأرض ، والأولى جعله شاملا لهما فيكون أول الكلام في استحقاق الكراء وقوله وللمستحق إلخ في استحقاقه حيث أجاز المستحق عقد الإجارة وفي استحقاق الأرض ( وفي سنين ) أي ، وإذا . ( وفاتت ) الأرض ( بحرثها ) قبل زرعها فلا شيء له من الأجرة فيما مضى ; لأن ذا الشبهة يفوز بالغلة ( ويفسخ ) العقد إن شاء ( أو يمضي ) في الباقي ( إن عرف النسبة ) أي نسبة ما ينوب الباقي من الأجرة لتكون الإجارة بثمن معلوم فإن لم تعلم بأن كانت تختلف الأجرة لاختلاف الأرض في تلك السنين ولم يوجد من يعرف التعديل تعين الفسخ ولا يجوز الإمضاء ( ولا خيار للمكتري ) ، بل يلزمه العقد ( للعهدة ) أي لأجلها ، والمراد عهدة الاستحقاق أي الاستحقاق الطارئ بعد الأول أي أن المستحق إذا أمضى الكراء فلا كلام للمكتري في فسخه خوفا من طرو استحقاق آخر ، فاللام للتعليل ، وهو علة للمنفي أي أن خيار المكتري لأجل خوف طرو استحقاق آخر منتف فليس له أن يقول أنا لا أرضى إلا بأمانة الأول لملائه مثلا ولا أرضى بالثاني ; لأنها إذا استحقت مرة أخرى لم أجد من أرجع عليه لعسر المستحق ( وانتقد ) المستحق حصته من المكتري لما بقي من المدة أي قضي له بأخذ أجرة ما بقي من مدة الإجارة بشرطين أشار لأولهما بقوله . أجر الأرض من هي في يده ، وهو ذو شبهة مدة سنين ، أو شهور ، أو بطون ، ثم استحقت وفات الإبان
[ ص: 464 ] ( إن انتقد الأول ) ، وهو المكرى أي إن كان أخذ جميع الأجرة عن مدة الإجارة وحينئذ فيلزمه رد حصة ما بقي من المدة للمكتري ، وإلى ثانيهما بقوله ( وأمن هو ) أي المستحق بأن لا يكون عليه دين محيط ولا يخشى منه فرار ، أو مطل ، وإلا لم ينتقد إلا أن يأتي بحميل ثقة .