( 6379 ) مسألة قال : ( ومن ملك أمة ، لم يصبها ولم يقبلها حتى يستبرئها بعد تمام ملكه لها بحيضة ، إن كانت ممن تحيض ، أو بوضع الحمل ، إن كانت حاملا ، أو بمضي ثلاثة أشهر ، إن كانت من الآيسات أو من اللائي لم يحضن ) وجملته ، أن لم يحل له وطؤها حتى يستبرئها ، بكرا كانت أو ثيبا ، صغيرة كانت أو كبيرة ، ممن تحمل أو ممن لا تحمل . وبهذا قال من ملك أمة بسبب من أسباب الملك ; كالبيع ، والهبة ، والإرث ، وغير ذلك . الحسن ، ، وأكثر أهل العلم ; منهم وابن سيرين ، مالك ، وأصحاب الرأي وقال والشافعي : لا يجب استبراء البكر . وهو قول ابن عمر ; لأن الغرض بالاستبراء معرفة براءتها من الحمل ، وهذا معلوم في البكر ، فلا حاجة إلى الاستبراء . داود
وقال : إن كانت ممن لا يحمل مثلها ، لم يجب استبراؤها لذلك . وقال الليث : يجب الاستبراء على البائع دون المشتري ، لأنه لو زوجها ، لكان الاستبراء على المزوج دون الزوج ، كذلك هاهنا ولنا ما روى عثمان البتي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { أبو سعيد أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير حامل حتى تحيض . [ ص: 120 ] } رواه نهى عام في المسند . وعن أحمد ، قال : إنني لا أقول إلا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول : { رويفع بن ثابت } رواه لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر ، أن يقع على امرأة من السبي ، حتى يستبرئها بحيضة أبو داود .
وفي لفظ ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر يقول : { } رواه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يسقي ماءه زرع غيره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يطأ جارية من السبي حتى يستبرئها بحيضة . ولأنه ملك جارية محرمة عليه ، فلم تحل له قبل استبرائها ، كالثيب التي تحمل ، ولأنه سبب موجب للاستبراء ، فلم يفترق الحال فيه بين البكر والثيب ، والتي تحمل والتي لا تحمل ، كالعدة . قال الأثرم : قد بلغني أن العذراء تحمل . فقال له بعض أهل المجلس : نعم ، قد كان في جيراننا . وذكر ذلك بعض أصحاب أبو عبد الله . الشافعي
وما ذكروه يبطل بما إذا اشتراها من امرأة أو صبي ، أو ممن تحرم عليه برضاع أو غيره ، وما ذكره لا يصح ; لأن الملك قد يكون بالسبي والإرث والوصية ، فلو لم يستبرئها المشتري ، أفضى إلى اختلاط المياه ، واشتباه الأنساب ، والفرق بين البيع والتزويج ، أن النكاح لا يراد إلا للاستمتاع ، فلا يجوز إلا في من تحل له ، فوجب أن يتقدمه الاستبراء ، ولهذا لا يصح تزويج معتدة ، ولا مرتدة ، ولا مجوسية ، ولا وثنية ، ولا محرمة بالرضاع ولا المصاهرة ، والبيع يراد لغير ذلك ، فصح قبل الاستبراء ، ولهذا صح في هذه المحرمات ، ووجب الاستبراء على المشتري ; لما ذكرناه . فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها ، فظاهر كلام البتي تحريم قبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها . الخرقي
وهو ظاهر كلام ، وفي أكثر الروايات عنه ، قال : تستبرأ ، وإن كانت في المهد . وروي عنه أنه قال : إن كانت صغيرة بأي شيء تستبرأ إذا كانت رضيعة . وقال في رواية أخرى : تستبرأ بحيضة إذا كانت ممن تحيض ، وإلا بثلاثة أشهر إن كانت ممن توطأ وتحبل . فظاهر هذا أنه لا يجب استبراؤها ، ولا تحرم مباشرتها . وهذا اختيار أحمد ابن أبي موسى ، وقول ، وهو الصحيح ; لأن سبب الإباحة متحقق . وليس على تحريمها دليل ، فإنه لا نص فيه ، ولا معنى نص ; لأن تحريم مباشرة الكبيرة إنما كان لكونه داعيا إلى الوطء المحرم ، أو خشية أن تكون أم ولد لغيره ، ولا يتوهم هذا في هذه ، فوجب العمل بمقتضى الإباحة . فأما من يمكن وطؤها ، فلا تحل قبلتها ، ولا الاستمتاع منها بما دون الفرج قبل الاستبراء ، إلا المسبية ، على إحدى الروايتين . مالك
وقال الحسن : لا يحرم من المشتراة إلا فرجها ، وله أن يستمتع منها بما شاء ، ما لم يمس ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الوطء ، ولأنه تحريم للوطء مع ثبوت الملك ، فاختص بالفرج ، كالحيض . ولنا أنه استبراء يحرم الوطء ، فحرم الاستمتاع ، كالعدة ، ولأنه لا يأمن من كونها حاملا من بائعها ، فتكون أم ولد ، والبيع باطل ، فيكون مستمتعا بأم ولد غيره ، وبهذا فارق تحريم الوطء للحيض . فأما المسبية ، فظاهر كلام تحريم مباشرتها فيما دون الفرج لشهوة . وهو الظاهر عن الخرقي ; لأن كل استبراء حرم الوطء حرم دواعيه ، كالعدة ، ولأنه داعية إلى الوطء المحرم ، لأجل اختلاط المياه ، واشتباه الأنساب ، فأشبهت المبيعة . أحمد
وروي عن ، أنه لا يحرم ; لما روي عن أحمد ، أنه قال : وقع في سهمي يوم ابن عمر جلولاء جارية ، كأن عنقها إبريق فضة ، فما ملكت نفسي أن قمت إليها [ ص: 121 ] فقبلتها ، والناس ينظرون . ولأنه لا نص في المسبية ، ولا يصح قياسها على المبيعة ; لأنها تحتمل أن تكون أم ولد للبائع ، فيكون مستمتعا بأم ولد غيره ، ومباشرا لمملوكة غيره ، والمسبية مملوكة له على كل حال ، وإنما حرم وطؤها لئلا يسقي ماءه زرع غيره . وقول بعد تمام ملكه لها . يعني أن الاستبراء لا يكون إلا بعد ملك المشتري لجميعها ، ولو ملك بعضها ، ثم ملك باقيها ، لم يحتسب الاستبراء إلا من حين ملك باقيها . وإن ملكها ببيع فيه الخيار ، انبنى على نقل الملك في مدته ، فإن قلنا : ينتقل . الخرقي
فابتداء الاستبراء من حين البيع . وإن قلنا : لا ينتقل . فابتداؤه من حين انقطع الخيار . وإن كان المبيع معيبا ، فابتداء الخيار من حين البيع ; لأن العيب لا يمنع نقل الملك بغير خلاف . وهل يبتدأ الاستبراء من حين البيع قبل القبض ، أو من حين القبض ؟ فيه وجهان : أحدهما ، من حين البيع ; لأن الملك ينتقل به . والثاني ، من حين القبض ; لأن القصد معرفة براءتها من ماء البائع ، ولا يحصل ذلك مع كونها في يده . وإن اشترى عبده التاجر أمة ، فاستبرأها ، ثم صارت إلى السيد ، حلت له بغير استبراء ; لأن ملكه ثابت على ما في يد عبده ، فقد حصل استبراؤها في ملكه .
وإن اشترى مكاتبه أمة ، فاستبرأها ، ثم صارت إلى سيده ، فعليه استبراؤها ; لأن ملكه تجدد عليها ، إذ ليس للسيد ملك على ما في يد مكاتبه ، إلا أن تكون الجارية من ذوات محارم المكاتب ، فقال أصحابنا : تباح للسيد بغير استبراء ; لأنه يصير حكمها حكم المكاتب ، إن رق رقت ، وإن عتق عتقت ، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم ، والاستبراء الواجب هاهنا في حق الحامل بوضعه بلا خلاف ، وفي ذات القروء بحيضة ، في قول أكثر أهل العلم . وقال ، سعيد بن المسيب : بحيضتين . وهو مخالف للحديث الذي رويناه ، وللمعنى ; فإن المقصود معرفة براءتها من الحمل ، وهو حاصل بحيضة ، وفي الآيسة والتي لم تحض والتي ارتفع حيضها بما ذكرناه في أم الولد ، على ما مضى من الخلاف فيه . وعطاء