التقليد الصناعي- أساس استنبات التقنية
يعد التقليد من الدروس الأساسية للتعليم والتدريب التقني الذي يخدم بدوره الصناعة الوطنية . والتقليد بمفهومه الصناعي، أو بما يمثل في مجالات التقنية هـو: استيعاب كامل للقطع المتعددة، التي يتكون منها الجهاز المراد تقليد صناعته، وخواص المواد التي تصنع منها، وإدراك تام لدور كل قطعة منه، وما تقوم به من عمل، كي يؤدي الجهاز وظيفته بكفاءة وإتقان.
وإتقان التقليد الصناعي يمر بمراحل عديدة، لعل من أهمها ما يتعرض له المصنع من بحوث وتجارب، للوصول به إلى الأداء الكفء. ولهذا تصبح البحوث التطبيقية والتجارب الميدانية من أهم واجبات المقلد. [ ص: 81 ]
لقد أدركت اليابان على وجه الدقة ما للتقليد الصناعي من دور مهم، وعملي، وحاسم، في سبيل النهوض بصناعتها، وتبوئها مكان الصدارة، أو على أقل تقدير المزاحمة عليه، في كثير من الصناعات المتطورة المعاصرة، وسوف يتضح لنا شيئا مما قامت به اليابان ، من أجل نهضتها وتقدمها، عندما نستعرض تجارب الأمم في مضمار العلوم والتقنية.
وعلينا أن ندرك أن مستوى التقليد يرتبط بمستوى الحالة العلمية والتقنية، السائدة في المجتمع من قبل، وفي هـذا المجال لا بد أن تتعلم الشعوب الأقل تقنية أن ليس كل شيء تبغي تقليده تستطيع أن تحققه، أي أن مستواها العلمي والتقني، يفرض عليها قيودا وعقبات لا يمكن تجاوزها إلا إذا غيرت من مستواها العلمي والتقني.
ونعتقد أن على جزء يسير من أساتذة الجامعات العلمية والعملية، مسئولية واجبة الأداء، وهي أن يحولوا الرسائل والأبحاث الجامعية أو بعضها، التي يقومون بها أو التي يشرفون عليها إلى رسائل وبحوث، تصب في معين التقليد للمنتجات المصنعة في الخارج.
إن الفجوة العلمية والتقنية بيننا وبين الغرب، يجب أن نجتازها بمجموعة من الوثبات في التقليد المبرمج، يتلوها رغبة جادة في التأقلم على المقلد، من الإنتاج والمصنوعات، وهذا يحتاج إلى بحوث متصلة عن: ماذا نقلد؟ وماذا نؤجل؟ أي : وضع برنامج زمني يضيق الفجوة العلمية، بين التقنية والتقليد.