الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

دراسة في البناء الحضاري (محنة المسلم مع حضارة عصره)

الدكتور / محمود محمد سفر

الشرط الأول: الإنسان ركيزة التطور وهدفه

للإنسان في المشوار الحضاري مكانة هـامة، وعليه واجبات جسام، وإذا كانت الحضارة تتجه إليه بجوهرها، وفنونها وعلومها، وآدابها، وقيمها وسلوكها، وكل ما يتمخض عنها، وتنطلق منها وبها ـ وهذا أمر طبيعي على أي حال ـ فإن الهدف الأول من مناهج التطور، وخطط التنمية، واستراتيجيات التقدم ، يجب أن توضع بحيث توجد منه إنسانا سويا متوازنا، فتشحذ فعالياته، وتقوي عزائمه، وتعبئ طاقاته، ليؤدي دوره، ويقوم بواجباته، لأن الإنسان النامي يختلف في متطلبات حياته، وفي حوافز نشاطه، ومنطلقات طاقته عن الإنسان المتطور، الذي بلغ بمجتمعه قمة الحضارة، وبلغ به مجتمعه شموخ التحضر، في حين نجد أن إنسان التنمية يعاني من قصور ملموس في الخدمات الأساسية، ومتطلبات الحياة الكريمة في الوقت الذي يجد نفسه فيه مطالبا بأن يعمل بجد وجهد فائقين، لتحقيق خطط التنمية، حتى توفر له ما هـو أكثر من الخدمات الأساسية، وما هـو أبعد من المتطلبات الضرورية هـذا إلى جانب أن واجب إنسان التنمية المسلم السوي أن يبتعد عن كل ما يمس الصالح من قيم مجتمعه، من تصرفات وعادات، لها ما لها من بريق الحضارة، وانبهار التقدم، وعليها ما عليها من تفسخ وانحلال يدعوان إلى تحطيم المجتمع، وانهيار أسسه الصالحة، وركائزه السليمة، وهو [ ص: 52 ] إن فعل هـذا فإنه يبعد عن مجتمعه ما يقوض أركانه، ويهز جذوره، فيعيش المجتمع المسلم معافى من أمراض الحضارة، سليما من خبائثها وشرورها، والعاقل من اتعظ بغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية