( باب استيفاء القصاص وهو ) أي ( فعل مجني عليه ) إن كانت الجناية على ما دون النفس ( أو ) فعل ( وليه ) أي وارثه إن كانت على النفس ( بجان عامد مثل ما فعل ) الجاني ( أو شبهه ) أي شبه فعل الجاني ( وله ) أي استيفاء القصاص لأن غير المكلف ليس أهلا للاستيفاء بعد تكليفه بدليل أنه لا يصح إقراره ولا تصرفه ( فإن كان ) مستحق القصاص ( صغيرا أو مجنونا لم يجز ) لآخر ( استيفاؤه ) لما تقدم ( ويحبس القاتل حتى يبلغ الصغير و ) حتى ( يعقل المجنون ) لأن فيه حظا للقاتل بتأخير قتله وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه ، ولأنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالما عن المعارض وقد حبس استيفاء القصاص ( ثلاثة شروط أحدها : أن يكون مستحقه مكلفا ) معاوية هدبة بن خشرم في قود حتى بلغ ابن القتيل فلم ينكر ذلك وكان في عصر الصحابة .
( وليس لأبيهما ) أي الصغير والمجنون ( استيفاؤه ) لهما ( كوصي وحاكم ) لأن القصد التشفي وترك الغيظ ولا يحصل ذلك باستيفاء الأب أو غيره بخلاف الدية فإن الغرض يحصل باستيفائه ، ولأن الدية يملك استيفاءها إذا تعينت والقصاص لا يتعين ( فإن كانا محتاجين إلى نفقة فلولي المجنون العفو إلى الدية دون ولي الصغير نصا ) لأن المجنون ليس في حالة معتادة ينتظر فيها إفاقته ورجوع عقله بخلاف الصبي وتقدم في اللقيط ما في ذلك .
( وإن ماتا ) أي : الصغير والمجنون ( قبل البلوغ والعقل قام وارثهما مقامهما فيه ) أي : في استيفاء القصاص ، لأنه حق لهما فانتقل بموتهما إلى وارثهما كسائر حقوقهما ، ( وإن قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعهما ) أي : الصغير والمجنون ( قهرا ) سقط حقهما لأنه أتلف عين حقه فسقط الحق [ ص: 534 ] أشبه ما لو كان لهما وديعة عند شخص فأتلفاها ( أو اقتصا ممن لا تحمل العاقلة ديته بالعبد سقط حقهما ) وجها واحدا ، لأنه لا يمكن إيجاب دينه على العاقلة فلم يكن إلا سقوطه .