الفصل الأول
مهارات التربية الإسلامية
عندما كانت التربية عموما من أهم الدعائم الضرورية التي تعتمد عليها المجتمعات قاطبة، في سبيل إعداد أفرادها؛ فإن من المهم أن نشير إلى أن التربية الإسلامية بلغت شأوا عظيما في سبيل إعداد الفرد والعناية به. وقد رسمت التربية الإسلامية منهجا راقيا في سبيل تربية الإنسان تربية شاملة متكاملة؛ وفي سبيل النهوض به ليقوم بما يجب أن يقوم به.
ففي سبيل الغاية يقول الحق تبارك وتعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (الذاريات:56 )
وفي سبيل الطريقة يقول تعالى: ( وأن هـذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) (الأنعام:153)
وفي سبيل الوسائل التي تساعد على تحقيق الغاية العظيمة التي خلق الإنسان من أجلها يوجه القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى فعل الطاعات والحرص عليها، وترك المعاصي والمنكرات والحذر منها.. وفعل الطاعات والالتزام بها من قبل المؤمن، سواء كانت هـذه الطاعات في مجال الاعتـقادات، أو العـبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق، أو نحو ذلك؛ يؤدي إلى تحقيق التربية الصالحة السوية لدى [ ص: 35 ] المؤمن. وهذا يقودنا إلى القول: بأن التربية الإسلامية تحرص حرصا شديدا على صلاح الفرد، وتربيته تربية إسلامية قويمة راسخة، شاملة لكل جوانب شخصيته، دون اهتمام بجانب على حساب الآخر.
وإذا كانت التربية الإسلامية بهذا المستوى الرفيع في سبيل إعداد الإنسان الناضج؛ فإنـها لم تتركه رهن بشريته الضعيفة المحـدودة؛ فيفعل ما يشاء، ويترك ما يشاء؛ ولم تطلق له عنان حريته ليفعل كل ما يحلو لهواه، ويستجيب لذاته. ولكنها أخذت بيده، ونهضت به، وحددت له ما يكون بمقدوره أن يقوم به، وما يفوق قدرته وطاقته البشرية، ورسمت له المنهح المناسب دون إفراط ولا تفريط.
ومن جملة ذلك فإن التربية الإسلامية سابقة على غيرها في سبيل توجيه الفرد إلى المهارات التي ينبغي أن يتحلى بها. إن التربية الإسلامية تؤمن بقدرات الفرد الذاتية، وقدرته على ابتكار المهارة، وقدرته على ممارسة المهارة،
يقول الله تعالى: ( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم ) (البقرة:260) .
وفي هـذا الفصل نتناول مهارات التربية الإسلامية، من حيث: مفهومها، وخصائصها، وأهميتها. [ ص: 36 ]