الفصل الرابع
التوجيه النبوي المعجز للعقل البشري
التمييز بين التنبؤ الفاسد والتوقع السليم:
لما كان من أصول الدين التي جاء بها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حصر دعوى علم الغيب المطلق في الله سبحانه، فإنه حرم كثيرا من الأساليب التي اتبعها الأقدمون -ومنهم العرب- في التنبؤ بالمستقبل. لكنه بالمقابل جوز، عليه الصلاة والسلام الاستشراف الصحيح. وبهذا قدم للبشرية خدمة عظيمة؛ لأنه وجهها إلى دراسة المستقبل وفق أسس علمية سليمة، ومنع طاقتها من أن تهدر في الخرافة والخطأ والضلال، فلا عجب إذن أن يسبق المسلمون إلى اكتشاف المنهج التجريبي في العلوم، وأن يؤسسوا بعضها لأول مرة؛ كعلم الاجتماع وتفسير التاريخ والجغرافيا البشرية [1] .