ولا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم { شراء الفضة بالفضة مجازفة لا يعرف وزنها أو وزن أحدهما : الفضة بالفضة مثل بمثل } والمراد المماثلة في الوزن ; فإما أن يكون المراد أن يكون مثلا بمثل عند الله ، أو عند المتعاقدين ، ونحن نعلم أن الأول ليس بمراد فالأحكام لا تبنى على ما لا طريق لنا إلى معرفته عرفنا أن المراد العلم بالمماثلة عند المتعاقدين ، فصار هذا شرط جواز العقد ، وما هو شرط جواز العقد إذا لم يقترن بالعقد يفسد العقد فإن وزنا بعد العقد وكانا متساويين فإن كانا بعد في مجلس العقد فجواز العقد استحسانا ; لأن مجلس العقد جعل كحالة العقد ، ألا ترى أن انعدام الدينية في البدلين شرط جواز العقد ، ثم إذا [ ص: 13 ] انعدم ذلك بالتقابض في المجلس جعل كالمقترن بالعقد فكذلك العلم بالمماثلة ، وإن وزنا بعد الافتراق عن المجلس جعل كالمقترن بالعقد فكذلك العلم بالمماثلة فالعقد فاسد عندنا . وقال إن كانا متساويين فالعقد جائز ; لأنه قد تبين أن شرط الجواز - وهو المماثلة - كان موجودا عند العقد فإنه لا تأثير للوزن في إحداث المماثلة ، وإنما يظهر به مماثلة كانت موجودة وعلم المتعاقدين بوجود شرط جواز العقد ليس بشرط لصحة العقد ، كما لو تزوج امرأة بمحضر من الشاهدين ، ولا يعلم بهما المتعاقدان ، ولكنا نقول : قد بينا أن زفر هنا ، وذلك لا يحصل إلا بالوزن فيصير الوزن الذي هو فعل المتعاقدين من شرط جواز العقد كالإيجاب والقبول شرط انعقاد العقد ، فكما يفصل هناك بين المجلس وما بعده فكذلك يفصل هنا ، ثم الفصل موهوم ، والموهوم فيما يبنى على الاحتياط كالمتحقق ، وتأثير الفضل في إفساد العقد كتأثير عدم القبض وأقوى ، فكما أن ترك القبض حتى افترقا مفسد لهذا العقد فكذلك توهم الفضل بترك الوزن حتى افترقا يكون مفسدا . العلم بالمماثلة شرط الجواز