الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
رجل أعطى لرجل درهما فقال : أعطني بنصفه كذا فلسا ، وأعطني بنصفه درهما صغيرا ، وزنه نصف درهم جائز ; لأنه جمع بين عقدين يصح كل واحد منهما بالانفراد ، قال : فإن افترقا قبل أن يقبض الفلوس ، والدرهم الصغير بطل في الدرهم الصغير ; لأن العقد فيه صرف ، وقد افترقا قبل قبض أحد البدلين ، ولم يبطل العقد في الفلوس ; لأن العقد فيه بيع ، وإن افترقا قبل قبض أحد البدلين ، ولم ينقد الثمن حتى افترقا بطل الكل ; لأنهما افترقا عن دين بدين ، وإن كان دفع إليه الدرهم ، وقال : أعطني بنصفه كذا فلسا ، وأعطني درهما صغيرا يكون فيه نصف درهم إلا حبة ففي قياس قول أبي حنيفة : يفسد البيع كله ، وفي قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - : يجوز في الفلوس ويبطل في حصة الصرف ; لأن العقد في الدرهم الصغير يفسد لمعنى الربا ، فإن مقابلة نصف الدرهم بنصف درهم إلا حبة يكون ربا ، وعند أبي حنيفة إذا فسد العقد في البعض لمعنى الربا يفسد في الكل ، وقد بيناه في البيوع قال : رضي الله عنه الأصح عندي أن العقد يجوز في حصة الفلوس عندهم جميعا على ما وضع عليه المسألة في الأصل فإنه قال : وأعطني بنصفه الباقي درهما ، وإذا تكرر الإعطاء يتفرق العقد به ، وفساد أحد العقدين لا يوجب فساد الآخر ، ألا ترى أن على هذا الوضع لا يكون قبول العقد في أحدهما شرطا للقبول في الآخر ، [ ص: 28 ] إلا أن يكون وضع المسألة على ما ذكر الحاكم في المختصر ، وفي النصف الباقي درهم صغير فحينئذ يكون العقد واحدا ; لأنه لم يتكرر ما به ينعقد العقد ، وهو قوله : أعطني .

التالي السابق


الخدمات العلمية