قال : وإذا فهو جائز ، وإن أبى لم يجبر على ذلك ، ولم يكن قصاصا ، والحاصل أن اشترى ألف درهم بمائة دينار فنقد الدنانير وقال الآخر : اجعل الدراهم قصاصا بالدراهم التي لي عليك يجوز عندنا - استحسانا - إذا اتفقنا عليه ، وفي القياس لا تجوز ، وهو قول المقاصة بدل الصرف بدين سبق وجوبه على عقد الصرف ; لأن بالعقد المطلق يصير قبض البدلين في المجلس مستحقا ، وفي المقاصة تفويت القبض المستحق بالعقد ، فلا يجوز بتراضيهما كما لا يجوز الإبراء عن بدل الصرف ، والاستبدال به ، وهذا لأن في المقاصة يكون آخر الدينين قضاء عن أولهما ، ولا يكون أولهما قضاء عن آخرهما ; لأن القضاء يتلو الوجوب ولا يسبقه فلو جوزنا هذه المقاصة صار قاضيا ببدل الصرف الدين الذي كان واجبا ، وبدل الصرف يجب قبضه ولا يجوز قضاء دين آخر به ، والدليل عليه رأس مال السلم فإنهما لو جعلاه قصاصا بدين سبق وجوبه لم يجز فكذلك بدل الصرف لأن كل واحد منهما دين مستحق قبضه في المجلس ، ووجه الاستحسان أنهما لما اتفقا فقد حولا عقد الصرف إلى ذلك الدين ، ولو أضافا العقد [ ص: 20 ] إليه في الابتداء جاز بأن يشتري بالعشرة التي عليه دينارا ويقبض الدينار في المجلس فكذلك إذا حولا العقد إليه في الانتهاء ; لأنهما قصدا تصحيح هذه المقاصة ، فلا طريق له سوى هذا ، وما لا يتوصل إلى المقصود إلا به يكون مقصود الكل واحدا ، ولهذا شرطنا تراضيهما على المقاصة ، وإن كان في سائر الديون المقاصة تقع بدون التراضي ; لأن هذا تحويل العقد إلى ذلك الدين ، والعقد قد تم بهما فالتصرف به بالتحويل لا يكون إلا بتراضيهما ، وعند التراضي العقد القائم بينهما حقهما ، ويملكان استدامته ورفعه فيملكان التصرف فيه بالتحويل من محل إلى محل زفر
وهذا خير مما يقوله العراقيون - رحمهم الله - إن عند اتفاقهما على المقاصة يجعل كأنهما فسخا العقد الأول ، ثم جدداه مضافا إلى ذلك الدين ; لأنه لو كان الطريق هذا لم يجز ; لأنه بالإقالة يصير رد المقبوض مستحقا في المجلس ، والدليل عليه أنهما لو جعلا بدل الصرف قصاصا بدين تأخر وجوبه عن عقد الصرف لا يجوز في ظاهر الرواية ، ولو كان التصحيح بطريق الفسخ للعقد الأول لجاز ، والدين المتقدم والمتأخر في ذلك سواء ، وإنما الفرق بينهما على الطريق الأول أنهما يملكان تحويل العقد إلى ما كان يصلح منهما إضافة العقد إليه في الابتداء ، وذلك في الدين الذي سبق وجوبه على عقد الصرف دون ما تأخر وجوبه عنه .