الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولا يجوز الأجل في القرض معناه : أنه لو أجله عند الإقراض مدة معلومة ، أو بعد الإقراض لا يثبت الأجل ، وله أن يطالبه به في الحال ، وعند مالك يثبت الأجل في القرض ; لأنه دين لا يستحق قبضه في المجلس فيجوز التأجيل فيه كالثمن والأجرة ، يدل عليه أن التأجيل إسقاط المطالبة إلى مدة ، وإسقاط المطالبة ببدل القرض لا إلى غاية بالإبراء صحيح ، فالتأجيل فيه أولى أن يصح ، ولنا فيه طريقان : أحدهما : أن المقرض متبرع ; ولهذا لا يصح الإقراض ممن لا يملك التبرع كالعبد ، والمكاتب فلو لزم الأجل فيه لصار التبرع ملزما المتبرع شيئا ، وهو الكف عن المطالبة إلى مضي الأجل ، وذلك يناقض موضوع التبرع ، وشرط ما يناقض موضوع العقد به لا يصح ، وكذلك إلحاقه به لا يصح ; فلهذا لا يلزم الأجل ، وإن ذكر بعد العقد . والثاني : أن القرض بمنزلة العارية على ما قررنا ، والتوقيت في العارية لا يلزم حتى إن [ ص: 34 ] المعير ، وإن وقته سنة فله أن يسترده من ساعته ، فكذلك الأجل في القرض ، وبه يتبين الجواب عن قوله هو دين ; لأن بدل القرض في الحكم عين المقبوض ; إذ لو جعل دينا على الحقيقة كان بدلا عن المقبوض في الحكم ، فيكون مبادلة الشيء بجنسه نسيئة ، وهذا بخلاف الإبراء ; لأنه بالإبراء يزيل ملكه ، وإزالة الملك بالتبرع صحيح . فأما بالقرض فلا يزيل ملكه فلو لزم الأجل فيه لكان يلزمه الكف عن المطالبة بملكه إلى مضي الأجل ، وهو مخالف لموضوع التبرع .

التالي السابق


الخدمات العلمية