( قال رحمه الله : ) وإذا فهو جائز ، وإن لم يسميا ما وقع عليه الصلح ; لأنه مقبوض وحكم الصلح ينتهي في المقبوض بالقبض ، وإنما يحتاج إلى التسمية فيما يستحق قبضه للتحرز عن الجهالة المانعة من التسليم ، وهذا لا يوجد في المقبوض ، وترك التسمية فيه [ ص: 26 ] لا يمنع العمل بالشهادة كترك التسمية فيما وقع الصلح عنه ، وكذلك لو ادعى رجل في دار رجل دعوى فأقام الذي في يده الدار شاهدين شهدا أنه صالحه على شيء فرضي به منه ودفعه إليه فهو جائز ; لأن تسمية أحدهما زيادة غير محتاج إليها فذكره والسكوت عنه سواء ، ولو سمى أحدهما دراهم ، ولم يسم الآخر شيئا وشهدا جميعا أنه استوفى جميع ما صالح عليه لم تقبل الشهادة ; لأن المصالح عليه غير مقبوض ، فلا يتمكن القاضي من القضاء مع الجهالة جحد صاحب الدار وادعى الطالب الصلح وجاء بشاهدين فشهد أحدهما على دراهم مسماة وشهد الآخر على شيء غير مسمى أو تركا جميعا تسمية البدل
فإن قضيت له بمائة درهم ; لأن دعواه في الحاصل دعوى الدين فالإسقاط قد حصل بإقراره ، وقد اتفق الشاهدان على المائة لفظا ومعنى فتقبل الشهادة إذا كان المدعي يدعي الأكثر ، وإن كان يدعي الأقل ، فلا تقبل الشهادة لتكذيب المدعي أحد شاهديه ، وإذا ادعى الطالب مائة وخمسين درهما وشهد له شاهد بها وشاهد بمائة درهم لا تقبل عند شهد أحدهما بمائة والآخر بمائتين رحمه الله : لاختلاف الشاهدين لفظا ومعنى ، وإن ترك بينة الصلح فالمدعي على حجته ; لأنه إنما أقر بسقوط حقه بعوض ، فإذا لم يقبل ذلك العوض فهو على حقه وحجته ، فإن أبي حنيفة فهو جائز ; لأن الصلح هو إقرار معناه أن صفة الإقرار والإنشاء في الصلح واحد كما في البيع ، وإن شهد شاهد على صلح بمعاينة على دراهم مسماة وشهد الآخر على الإقرار بمثل ذلك كانت الشهادة مقبولة والله تعالى أعلم . شهد أحدهما بالبيع والآخر بالإقرار به