الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ، وقبض العدل للرهن بمنزلة قبض المرتهن له في حكم صحة الرهن ، وذهابه بالدين إذا هلك عندنا ، وهو قول إبراهيم النخعي والشافعي وعطاء والحسن ( رحمهم الله ) وقال ابن أبي ليلى ( رحمه الله ) لا يتم الرهن بقبض [ ص: 78 ] العدل حتى إذا هلك في يد العدل لم يسقط الدين ، وإن مات الراهن فالمرتهن أسوة الغرماء قال : لأن العدل نائب عن الراهن ، هكذا إذا لحقه عهدة يرجع على الراهن دون المرتهن ، ، وكما أن الرهن لا يتم بقبض الراهن ، وإن أشفى عليه فكذلك لا يتم بقبض العدل . والدليل : أن موجب عقد الراهن بثبوت يد الاستيفاء ، وبهذا العقد لم يثبت ذلك للمرتهن ; لأنه لا يتمكن من إثبات يده على العين ، وموجب العقد لا يجوز أن يثبت بغير العاقد كالملك في البيع ، وجه قولنا أن يد العدل كيد المرتهن بدليل أن ملك العدل رد الرهن برضا المرتهن ، ولو كانت يده كيد الراهن لتمكن الراهن من استرداده متى شاء ، وبأن كان يرجع بضمان الاستحقاق على الراهن ، فذلك لا يدل على أن يد الراهن كالمرتهن نفسه توضيحه : أن المرهون محبوس بالدين كالمبيع بالثمن ، ثم البائع إذا أبى تسليم المبيع إلى المشتري فوضعاه على يد عدل كانت يد العدل فيه كيد البائع الذي له حق الحبس حتى إذا هلك انفسخ البيع ، فكذلك في الرهن يد العدل كيد من له الحبس ، وهو المرتهن ; ولأنه بعد التسليم إلى المرتهن لو اتفقا على وضعه على يد عدل كانت جائزة ، وكانت يد العدل فيه كيد المرتهن حتى يصير مستوفيا دينه بهلاكه ، ولو كانت يد العدل كيد الراهن لم يصر المرتهن مستوفيا دينه بهلاكه كما لو عاد إلى يد الراهن بطريق العارية ، والغصب ، وكان هذا نوع استحسان منا لحاجة الناس إليه ، ولكونه أرفق بهم فالراهن لا يأتمن المرتهن على عين ماله ، وعند ذلك طريق طمأنينة القلب لكل ، واحد منهما الوضع على يد عدل ، ولهذا جوزنا ذلك في الانتهاء ، فكذلك في الابتداء ، وإن كان العدل مسلطا على البيع فله أن يبيعه وبدون تسليط ليس له أن يبيعه ; لأنه قائم مقام المرتهن ، وللمرتهن أن يبيع الرهن إذا سلط عليه ، وليس له أن يبيعه إذا لم يسلط على ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية