الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو [ ص: 14 ] كان قتل عمد فصالح عنه رجل على ألف درهم ، ولم يضمنها له لم يكن عليه شيء ; لأنه متبرع بالصلح ، فلا يلزمه المال إلا بالتزامه ، والتزامه بالضمان أو بإضافة البدل إلى نفسه أو مال نفسه ، فإذا لم يوجد ذلك توقف على إجازة القاتل ليكون المال عليه إذا أجاز كما في الخلع ، وإن كان القاتل هو الذي أمره بذلك كان البدل على القاتل ; لأن المصالح معبر عنه .

( ألا ترى ) أنه لا يستغني عن إضافة العقد إليه فهو نظير الخلع ، ولو صالحه عنه على عبد له ، ولم يضمن له خلاصه جاز لإضافة الصلح إلى مال نفسه وقدرته على تسليم بدل الصلح ، فإن استحق العبد لم يرجع عليه بشيء ; لأنه ما ضمن له شيئا التزمه في ذمته ، وإنما التزم تسليم العين فيكون حكم الالتزام مقصورا على العين في حقه ، فإذا عجز عن تسليمه بالاستحقاق لم يلزمه شيء ولكن يرجع على القاتل بقيمته إن كان أمره بذلك ; لأن عند استحقاق العين بدل الصلح هو القيمة دينا فيكون على الآمر دون المأمور كالألف المسمى ، وإن كان المصالح تبرع بالصلح عليه وضمن له خلاصه ، ثم استحق رجع عليه بقيمته ; لأنه صير نفسه زعيما والزعيم غارم ، وعند الاستحقاق بدل الصلح قيمته ، وقد ضمنه فيكون مطالبا بإيفائه كما لو صالحه على ألف درهم وضمنها له ، فإن قيل كيف يضمن القيمة ، وهو إنما ضمن له خلاص العبد قلنا التزامه بالضمان إنما يصح باعتبار وسعه والذي في وسعه خلاص المالية بتسليم العين إن أمكن أو بتسليم قيمته إن استحق ، وهو نظير الخلع في جميع ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية