قال : وذكر العنين حكم عدل بلغنا ذلك عن وفي ذكر الخصي ولسان الأخرس ، واليد الشلاء ، والرجل العرجاء ، والعين القائمة العور ، والسن السوداء ; وهذا لأن إيجاب كمال الأرش في هذه الأعضاء باعتبار تفويت المنفعة الكاملة ، وذلك لا يوجد ; لأن منافع هذه الأعضاء كانت فائتة قبل جنايته . إبراهيم
( ألا ترى ) أن من يجب عليه الأرش فلولا تفويت المنفعة لما حل بها لما لزمه كمال الأرش ، فلو أوجبنا بالقطع بعد ذلك أرشا كاملا مرة أخرى أدى إلى إيجاب أرشين كاملين عن عضو واحد وقال ضرب على يد إنسان حتى شلت أو على عينه حتى ذهب بصره رضي الله عنه يجب في هذه المواضع الأرش كاملا ، ونقول : في قطعها تفويت الجمال الكامل ، والجمال مطلوب من الآدمي كالمنفعة بل الجمال يرغب فيه العقلاء فوق رغبتهم في المنفعة ، ولكنا نقول : في الأعضاء التي يكون فيها المقصود المنفعة ، والجمال تبع فباعتباره لا تتكامل الجناية في الأرش . مالك
ثم في العين القائمة العوراء جمال عند من لا يعرف حقيقة الحال فأما عند من يعرف ذلك فلا ، فعرفنا أن معنى الحال في هذه الأعضاء غير كاملة بعد فوات المنفعة فلوجود بعض الجمال فيها أوجبنا حكم عدل فلانعدام الكمال فيها لا يوجب كمال الأرش ، وفي الضلع حكم عدل ، وفي الساعد إذا كسر أو كسر أحد الزندين حكم عدل ، وفي ، وفي الترقوة حكم عدل على قدر الجراحة . الساق إذا انكسرت حكم عدل
والحاصل أنه لا قصاص في شيء من العظام إذا كسرت إلا في السن خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم { } ; لأن القصاص ينبني على المساواة ، ولا تتحقق المساواة في كسر العظم ; لأنه لا ينكسر من الموضع الذي يراد كسره ، وبدون اعتبار المماثلة لا يجب القصاص فإذا تعذر إيجاب القصاص ، وليس فيها أرش مقدر كان الواجب فيها حكم عدل فأما في السن فيجب القصاص ، وهو مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى في القصاص في السن وبين الأطباء كلاما في السن أنه عظم أو طرف عصب يابس فمنهم من ينكر كون السن عظما ; لأنه يحدث وينمو بعد تمام الخلقة ويلين بالحل فعلى هذا لا حاجة إلى الفرق بينه وبين سائر العظام متى ثبت أنه ليس بعظم ولئن قلنا : إنه عظم ، وفي سائر العظام لتعذر اعتبار المساواة لا يجب القصاص ، وذلك لا يوجد هاهنا ; لأنه يمكن أن يبرد بالمبرد بقدر ما كسر منه ، وكذلك إن كان قلع السن فإنه لا يقلع منه قصاصا لتعذر اعتبار المماثلة فيه فربما تفسد [ ص: 81 ] به لهاته ولكن يبرد بالمبرد إلى موضع أصل السن فأما إذا كان خطأ فالواجب فيه الأرش كما بينا ، وهو المعنى في الفرق بينه وبين سائر العظام ; لأنه ليس لسائر العظام أرش مقدر ، وإنما يجب القصاص فيما يكون له أرش مقدر شرعا ولهذا قلنا في أصح الروايتين على ما ذكره لا قصاص في العظم الحسن عن رحمهما الله : أنه أبي حنيفة ; لأنه ليس فيه أرش مقدر شرعا ثم إن - لا قصاص فيما دون الموضحة فعليه أرش السن كاملا ; لأن الجمال ، والمنفعة يفوت بذلك . ضرب على سنه حتى اسودت أو احمرت أو اخضرت
وقال : السواد في السن دليل موتها فإذا اصفرت فقد روى عن أبو يوسف رحمهما الله أن فيها حكم عدل وذكر أبي حنيفة هشام في نوادره عن محمد عن رحمهما الله أن فيها حكم عدل ، وفي الحر لا شيء ، وفي المملوك حكم عدل وعن أبي حنيفة رحمه الله فيها حكم عدل ، وهو قول محمد ; لأن الجمال على الكمال في بياض السن فبالصفرة ينقص معنى الجمال فيها ، ولهذا يجب في المملوك حكم عدل فكذلك في الحر أبي يوسف رحمه الله يقول : الصفرة من ألوان السن فلا يكون دليل موت السن ، والمطلوب بالسن في الإحراز المنفعة ، وهي قائمة بعدما اصفرت فأما حق المولى في المملوك فالمالية وقد تنتقص باصفرار السن وعلى هذا لو وأبو حنيفة فلا شيء عليه في ظاهر الرواية ; لأن وجوب الأرش باعتبار فساد المنبت ، وحين نبتت كما كانت عرفنا أنه ما فسد المنبت ثم وجوب الأرش باعتبار بقاء الأثر ، ولم يبق أثر حين نبتت كما كانت ، وقد روي عن قلع سن فنبتت صفراء أو نبتت كما كانت في محمد تجب حكومة بقدر ما لحقه من الألم ، وعن الجراحات التي تندمل على وجه لا يبقى لها أثر رحمه الله يرجع على الجاني بقدر ما احتاج إليه من ثمن الدواء وأجرة الأطباء حتى اندملت أبي يوسف رحمه الله قال : لا يجب شيء ; لأنه لا قيمة لمجرد الألم . وأبو حنيفة
( ألا ترى ) أن من ضرب ضربة تألم بها ، ولم يؤثر فيه شيء لا يجب شيء أرأيت لو شتمه شتيمة أكان عليه أرش باعتبار إيلام حل فيه .