ولو فله سدس الباقي . وكذلك لو كان أوصى له بسدس الثياب وسدس الدراهم ; لأن الثياب أجناس مختلفة هاهنا . أوصى لرجل بسدس ماله وقد ترك ألف درهم ، وثلاثة أثواب أحدها هروي ، والآخر مروي ، والآخر قوصي فهلك ثوبان منها
( ألا ترى ) أن مطلق التسمية لا يثبت دينا في الذمة في شيء من العقود ، والأجناس المختلفة لا تقسم قسمة واحدة ، وإنما استحق الموصى له سدس كل ثوب بما أوجب له الموصي فبعد هلاك الثوبين لا يستحق من الثوب الباقي إلا سدسه ، ولو هلك نصف الدراهم أيضا فإن كان أوصى له بسدس ماله فله سدس الباقي ، وإن كان أوصى له بسدس الدراهم ، وسدس الثياب كان له سدس الباقي ، وثلث الدراهم الباقية ; لأن في الدراهم وصيته تبقى ببقاء ما بقي منها ، وقد كان أوصى له منها بسدس ، وذلك ثلث الدراهم الباقية فيأخذها كلها ، وهو ما استحق من الثوب الباقي إلا سدسه بما أوجب له الموصي فلهذا لا يأخذ من الثوب الباقي إلا سدسه ، وإذا ترك ثلثمائة درهم ، وعدلا زطيا يساوي ثلثمائة ، وقد أوصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بثلث [ ص: 116 ] العدل ، وثلث الدراهم فإن الموصي يقتسمان الثلث بينهما نصفين لاستواء حقيهما فإن ثلث العدل وثلث الدراهم ثلث جميع المال إذ لا مال له سوى هذين النوعين فيكون الثلث بين الموصى لهما نصفين نصف ذلك يأخذه الموصى له بثلث العدل ، وثلث الدراهم من المالين أولا ; لأن الموصى له بالثلث شريك الوارث فكما أن حق الموصى له بمال معين مقدم على حق الوارث في التنفيذ في محله فكذلك هو مقدم على حق الموصى له بثلث المال .
فإذا أخذ هو سدس العدل ، وسدس الدراهم خرج من البين ثم يقسم ما بقي بين الموصى له بثلث المال وبين الورثة أخماسا ; لأن الموصى له يضرب في الباقي بسهم ، والورثة بحقهم ، وهو أربعة أسهم فإن ضاع نصف الدراهم قبل موت الموصي أو بعده اقتسما ثلث ما بقي يضرب فيه صاحب ثلث المال بثلاثة أسهم ، والآخر بأربعة أسهم في قول أبي يوسف رحمهما الله ; لأن بما هلك من الدراهم يبطل من وصية الموصى له بثلث المال بعض وصيته ، ولا يبطل من وصية الموصى له بثلث العين شيء ، وقد بقي من العين مقدار ما أوصى له به ، وزيادة فإذا حق الموصى له بثلث المال في ثلث المال يوم تقع القسمة ، وذلك مائة وخمسون ، والموصى له بثلث العين في المائتين مائة فما بقي من الدراهم ، ومائة ثلث العدل فيجعل كل خمسين سهما فيكون حقه أربعة أسهم ، وحق الموصى له بثلث المال ثلاثة أسهم ، والثلث بينهما على سبعة ، والثلثان أربعة عشر فيكون جملته أحدا وعشرين للموصى له بثلث العين من ذلك أربعة أسهم يأخذه مقدما من المالين نصفين ; لأن حقه فيهما سواء ثم يقسم ما بقي من المالين بين الوارث وبين الموصى له بثلث المال على سبعة عشر سهما يضرب الوارث في ذلك بجميع حقه أربعة عشر والموصى له بالثلث في ثلاث فأما في قياس قول ومحمد رحمه الله فالثلث بينهما نصفان ; لأن من أصله أن الموصى له بالعين تبطل وصيته فيما زاد على الثلث ضربا واستحقاقا عند عدم إجازة الورثة فإنما يضرب هو في الثلث بثلث ما بقي من العين ، وذلك مائة وخمسون ، وكذلك الموصى له بثلث المال ، ولهذا كان الثلث بينهما نصفين . أبي حنيفة