الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا تركت المرأة زوجها ، وأبويها فأقر الزوج بثلاث بنين للمرأة من غيره ، وصدقته الأم في اثنين منهم ، وصدقه الأب في الثالث ، وتكاذب البنون فيما بينهم فإن الابنين اللذين أقرت بهما الأم يأخذان من الزوج الثلث من نصيبه ، وثلث خمس نصيبه فيضمانه إلى نصيب الأم ، ويقتسمونه على أربعة عشر سهما للأم أربعة ، ولكل ابن خمسة ، ويأخذ الابن الذي أقر به الأب من الزوج السدس من نصيبه فيجمعه إلى نصيب الأب ، ويقاسمه على سبعة للابن خمسة ، وللأب سهمان ، وفي رواية أبي حفص رحمه الله قال يأخذ الابنان اللذان صدقت بهما الأم من الزوج خمس نصيبه ، وثلث خمس نصيبه أما أصل الفريضة قبل الإقرار فمن ستة للزوج النصف ثلاثة ، وللأم ثلث ما بقي ، وهو سهم ، والباقي للأب فإذا اقتسموا بهذه الصفة ثم وجد الإقرار كما بينا فيبدأ بالابن الذي أقر به الأب فنقول يأخذ من الزوج السدس من نصيبه في الروايتين جميعا ; لأن الزوج يزعم أن الميت ترك ثلاث بنين ، وزوجا ، وأبوين أصله [ ص: 205 ] من اثني عشر للزوج الربع ثلاثة ، وللأبوين السدسان أربعة ، والباقي ، وهو خمسة بين البنين لا ينقسم أثلاثا فيضرب اثني عشر في ثلاثة فيكون ستة وثلاثين للزوج تسعة ، وللأبوين اثنا عشر لكل واحد منهما ستة ، والباقي ، وهو خمسة عشر بين البنين الثلاث لكل واحد منهم خمسة ثم يطرح نصيب الأم في حق هذا الابن ; لأنها كذبت به فلذا طرحنا من ستة وثلاثين الثلث فلهذا أخذ من الزوج سدس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الأب ، ويقاسمه على سبعة باعتبار زعمهما ; لأنهما يقولان الورثة زوج ، وأبوان ، وابن ، والقسمة من اثني عشر للزوج الربع ، وللأبوين السدسان ، والباقي ، وهو خمسة للابن ، والابن يضرب فيما ، وصل إليهما بخمسة ، والأب بسهمين فتكون القسمة على سبعة فأما الابنان اللذان صدقت بهما الأم فقد قال في رواية أبي حفص يأخذان من الزوج خمس نصيبه ، وثلث خمس نصيبه ، وثلث خمس نصيبه ، وهذا غلط من الكاتب . والصحيح

ثلثي خمس نصيبه ; لأن حقهما يطرح من نصيب الابن في المقاسمة مع الزوج ; لأنه كذب بهما ، وفي زعم الزوج أن حقهما في عشرة أسهم ، وهما يأخذان عشرة من ثلاثين مما في يده ، وذلك خمس نصيبه ، وثلثا خمس نصيبه صار على خمس فخمسه ستة ، وثلثا خمسه أربعة فذلك عشرة ، وفي رواية أبي سليمان رحمه الله قال يأخذان منه ثلث نصيبه ، وثلث خمس نصيبه ; لأنهما يقولان له لو أخذنا منك عشرة فقط كنت على جميع حقك ; لأنه يبقى لك خمسة عشر ، وفي يدك نصف المال فقد صار على ثلاثين فجميع المال يكون ستين الربع منه خمسة عشر ، وقد وافقنا على أن الأب أخذ فوق حقه ; لأن حقه السدس ، وقد أخذ الثلث فلا يجوز ضرر الزيادة علينا خاصة بل يكون علينا ، وحقك على ما زعمت في تسعة فادفع أنت تسعة ونحن ندفع عشرة ، ويبقى في يدك ستة ; لأن ما في يدك صار على ثلاثين ، وقد دفعت إلى الابن الذي أقر به الأب خمسة ، وإلينا عشرة ، ودفعت أنت تسعة يبقى ستة فهذه الستة تقسم بيننا وبينك على اعتبار أصل حقنا ، وحقك في خمسة عشر وحقنا في عشرة إلا أن الزوج يقول لهما ، وحق الابن الآخر مع حقي لأني مقر له ، وقد أخذ هو مني فيصير حقنا في الأصل عشرين ، وحقكما عشرة فتقسم هذه الستة بينهم أثلاثا للابنين من ذلك سهمان فتبين أن جميع ما أخذ من الزوج اثنا عشر سهما من ثلاثين ، وذلك ثلث نصيبه ، وثلث خمس نصيبه ; لأن ثلث نصيبه عشرة ، وثلث خمس نصيبه سهم ثم يضمان ذلك إلى نصيب الأم ، ويقتسمونه على أربعة عشر سهما ; لأن بزعمهم أن الميت خلف زوجا ، وأبوين ، والابنين ، وأن القسمة من أربعة وعشرين للزوج ستة ، وللأم أربعة [ ص: 206 ] وللأب كذلك ، والباقي ، وهو عشرة بين الابنين نصفان .

فيضرب كل واحد منهما فيما اجتمع في أيديهم بخمسة ، والأم بأربعة فتكون القسمة بينهم على أربعة عشر سهما فإن تصادق البنون فيما بينهم فإن الذي أقر به الأب يأخذ منه نصف نصيبه ، ويأخذ الآخران من الأم نصف نصيبها فيقسم جميع ذلك مع ما في يد الزوج على أربعة ، وعشرين سهما أما الذي أقر به الأب يأخذ منه نصف نصيبه ; لأن في يد الأب ثلث التركة ، وقدم أن حقه السدس ، وأن ما زاد على السدس مما في يده نصيب الابن فعليه أن يدفع ذلك إليه ، وذلك نصف نصيبه ، واللذان أقرت بهما الأم قال في رواية أبي سليمان يأخذان منها نصف نصيبها أيضا ; لأن حقها مثل حق الأب ، وقد أقرت هي أيضا بابنين للميت كما أقر الأب بابن فكما أن الذي أقر به الأب يأخذ منه نصف نصيبه فكذلك يأخذان هذان من الأم نصف نصيبها ليكون الباقي لها مثل نصف ما بقي للأب ، وفي رواية أبي حفص قال لا يأخذ ورثة الأم شيئا ، وهو الصواب ; لأن في يد الأم سدس التركة ، ولا ينقص نصيبها عن السدس مع البنين كيف يأخذان منها شيئا ، وبين جميع الورثة اتفاق أن حقها السدس ، وإنما يفضل الأب على الأم عند عدم الولد فأما بعد وجود الولد فحقها مثل حقه ، وقد بقي في يد الأب سدس التركة فينبغي أن يسلم لها من التركة السدس ، ونصيب هذان يصل إليهما من محله لوجود الإقرار من الزوج والابن الثالث لهما فلهذا لا يأخذان منها شيئا ، ولكن يقسم ما اجتمع في يد الزوج والبنين بينهم على أربعة وعشرين لاعتبار زعمهم ، وقد زعموا أن القسمة من ستة وثلاثين ، وأن للزوج تسعة ، وللبنين خمسة عشر فإذا جمعت ذلك كان أربعة وعشرين .

ولو لم يتصادقوا فيما بينهم ، ولكن اللذان أقرت الأم بهما صدق الأم أحدهما بالذي أقر به الأب وكذبا جميعا بالباقي ، وكذبا بهما فإن اللذين تصادقا فيما بينهما يأخذان من الزوج ثلث نصيبه فيجمعانه إلى ما في يد الأب فيقسمونه على أربعة عشر أربعة للأب ، وعشرة للابنين نصفان هكذا ذكر في نسخ أبي سليمان ، وفي نسخ أبي حفص زيادة ، وهو الصواب فإنه قال الذي أقرت به الأم من هذين اللذين تصادقا يأخذ سهما أولا ربع ما في يدها ; لأن الأم تزعم أن القسمة من أربعة وعشرين ، وأن حق هذا في جميعه إلا أن الأب قد كذب به فيطرح نصيب الأب في حقه ، وذلك أربعة يبقى عشرون فحقه في خمسة من ذلك ، وخمسة من عشرين هو الربع فلهذا أخذ منها ربع ما في يدها ثم يأخذان من الزوج ثلث نصيبه ; لأن بزعم الزوج القسمة من ستة وثلاثين إلا أنه يطرح من ذلك ستة ; لأن الأب يكذب بأحدهما ، والأخ [ ص: 207 ] بالآخر فلا بد من أن يطرح نصيب أحدهما في مقاسمة الزوج مع هذين فإذا طرحنا ستة يبقى ثلاثون فيأخذان منه عشرة من ثلاثين ، وهو الثلث ، ويجمعان ذلك إلى ما في يد الأب فيقسمونه على أربعة عشر ; لأن بزعمهما القسمة من أربعة وعشرين للأب أربعة ، ولكل واحد منهما خمسة فلهذا يسهم بينهم على أربعة عشر فإن قيل كيف يستقيم هذا ، والأب يكذب بأحدهما قلنا نعم ، ولكن لو اعتبرنا المقاسمة بين الأب ، وبين الذي صدق به خاصة أدى إلى الدور ; لأن ما يأخذه الذي صدق به الأب لا يسلم له ، ولكنه يقاسم الآخر لتصادقهما فيما بينهما ثم يرجع على الأب فيقاسمه للتصادق فيما بينهما فلا يزال يدور هكذا فلضرورة الدور قلنا بأن الأب يقاسمهما خمسا ، وهذا لأن نصيب الأب لا يختلف بعدد البنين سواء كان الابن واحدا أو أكثر كان للأب السدس فلهذا جعلنا تصديقه في أحدهما كتصديقه فيهما في المقاسمة إذا تصادقا بينهما ثم يأخذ الابن الباقي ستة أجزاء ونصف جزء من ثلاثين جزءا من نصيب الزوج ; لأن الأب يكذب به فيطرح نصيبه في المقاسمة بينه وبين الزوج فتكون القسمة من ثلاثين إلا أنه يقول للزوج قد دفعت إلى أب الأخوين عشرة فلو دفعت إلي خمسة فقط تبقى خمسة عشر ، وذلك ربع جميع التركة فلا يدخل عليك من ضرب النقصان شيء ، وقد دفعت عشرين فادفع أنت تسعة تبقى ستة فهذه الستة تقسم بيننا وبينك على مقدار حقنا وحقك .

وإنما حقك في التركة خمسة عشر وصل إليك ثلاثة أخماس حقك يبقى حقك في خمسين ، وذلك ستة ، وحقنا في جميع التركة بزعمك خمسة وعشرون ، وصل إلينا خمسة عشر يبقى عشرة ، وذلك خمسا نصيبنا ، وقد أخذ الابنان حقهما ، وزيادة تبقى قسمة هذه السنة بيني وبينك فأنا أضرب بخمسي حقي ، وذلك سهمان ، وأنت تضرب بستة فتكون قسمة هذه الستة بيننا أرباعا لي ربعه وربع ستة سهم ونصف فإذا أخذت منه سهما ونصفا مع الخمسة يكون ستة ونصفا فلهذا قال يأخذ ستة ونصفا من ثلاثين من نصيب الزوج قال الحاكم غلط في هذا الجواب في نصف سهم ، والصواب أنه يأخذ منه ستة أجزاء فقط هكذا قاله ابن منصور ; لأنه يصل إليه بعض نصيبه من جهة الأم فإنها مصدقة فلا يضرب في الستة الباقية معه بسهمين ، ولكن إنما يضرب بسهم وخمس ، والزوج يضرب بستة فتكون قسمة هذه الستة بينهما أسداسا للابن منه سهم ، وقد أخذ منه خمسة فظهر أنه إنما يأخذ منه ستة فقط فيضمه إلى نصيب الأم ، ويقاسمها على تسعة للأم أربعة ، وللابن خمسة ; لأنهما تصادقا على أن القسمة من أربعة ، وعشرين [ ص: 208 ] وأن نصيب الأم أربعة ، ونصيب الابن خمسة فما يجتمع في أيديهما يقسم بينهما على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية