الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو هلك ، وترك ثلاث بنين فأقر أحدهم بثلاث نسوة لأبيه ، وصدقه أحد الابنين في امرأتين منهن ، وصدقه الثالث في إحدى هاتين ، وتكاذب النسوة فيما بينهن فإنما نسمي المرأة التي أقر بها البنون مجمعا عليها ، والتي أقر بها اثنان مختلفا فيها ، والثالثة مجحودة ، والابن الذي أقر بثلاث نسوة الأكبر ، والذي أقر بامرأتين الأوسط ، والذي أقر بواحدة الأصغر ثم نقول : المجموع عليها تأخذ من الأكبر ثلث ثمن نصيبه ، ومن الأوسط نصف ثمن نصيبه فتضمه فيها من الأكبر جزءا من سبعة عشر جزءا من نصيبه فتضمه إلى ما في يد الأكبر بينه وبين المجحودة على ثمانية أسهم لها سهم ، وله سبعة في قول أبي يوسف . ووجه تخريجه أن الأكبر أقر أن الميت خلف ثلاث نسوة وثلاث بنين ، وأن القسمة من أربعة وعشرين لكل امرأة سهم ، وذلك ثلث الثمن فالمجمع عليها تأخذ مما في يد الأكبر مقدار ما أقر لها به في يده ، وذلك ثلث ثمن نصيبه جزءا من أربعة وعشرين ، وتأخذ من الأوسط نصف ثمن نصيبه ; لأن الأوسط يزعم أن الميت خلف امرأتين ، وأن لكل واحدة منهما نصف الثمن فالمجمع عليها تأخذ مما في يده نصف الثمن باعتبار إقراره ثم يضم جميع ما أخذت إلى ما في يد الأصغر فيقاسمه على عشرة أسهم ; لأنهما يتصادقان فيما بينهما أن الميت خلف ثلاث بنين وامرأة واحدة ، وأن لها ثلاثة من أربعة وعشرين ، ولكل ابن سبعة مما في أيديهما يقسم باعتبار تصادقهما يضرب فيه الابن بسبعة ، والمرأة بثلاثة ، والمختلف فيها تأخذ من الأكبر جزءا من سبعة عشر من نصيبه من قبل أن الأصغر يكذب بها .

ولا تعتبر سهامه في حقها يبقى حق الأكبر في سبعة ، وحق الأوسط في سبعة ، وحق النسوة في ثلاثة فإذا جمعت هذه السهام كانت سبعة عشر فإنما أقر لها بسهم من سبعة فلهذا أخذت مما في يده جزءا من سبعة عشر جزءا يضم ذلك إلى ما في يد الأوسط ، ويقاسمه على سبعة عشر سهما للمرأة ثلاثة ، وللأوسط أربعة عشر ; لأن في زعم الأوسط أن الثمن بين المرأتين نصفان ، وذلك ثلاثة من أربعة عشر لكل واحد سهم ونصف ، ولكل ابن سبعة فيضرب هو فيما حصل في أيديهما بسبعة ، والمختلف فيها بسهم ونصف انكسر بالإنصاف فأضعفه فيكون سبعة عشر لها ثلاثة ، وله أربعة عشر ثم المجحودة تقاسم الأكبر ما بقي في يده على ثمانية ; لأن في زعم الأكبر أن حقها في سهم ، وحقه في سبعة فما بقي في يده يقسم بينهما على هذا فيكون على ثمانية لها سهم ، وله سبعة .

وأما في قول محمد فالمجمع عليها تأخذ من الأكبر سهما من ستة وعشرين سهما ونصف سهم فتضمه إلى ما في يد الأوسط والأصغر فيجعل كل واحد منهما [ ص: 203 ] نصف ذلك ، وإنما أخذت من الأكبر هذا المقدار ; لأن الأكبر يزعم أن حقها في ثلث الثمن ، وحق المختلف فيها في نصف ثمن ، وحق المجحودة في ثمن ، وحقه في سبعة أثمان ، وثلث الثمن سهم من أربعة وعشرين ونصف الثمن سهم ونصف ، والثمن ثلاثة فحقه في أحد وعشرين ، وهو سبعة أثمان ، وحق المجحودة في ثلث ، وحق المختلف فيها في سهم ونصف ، وحق المجمع عليها في سهم فإذا جمعت هذه السهام كانت ستة وعشرين ونصفا فلهذا أخذت مما في يده سهما من ستة وعشرين ونصف ثم يضم ذلك إلى ما في يد الآخرين نصفين ليتيسر معاملتهما في المقاسمة معها ، وتأخذ المختلف فيها مما في يد الأكبر سهما ونصفا من ستة وعشرين ونصف سهم لما أن حقهما في يده هذا المقدار ; لأن الأصغر مكذب بها فإذا أخذت ذلك ضمت إلى ما في يدي الأوسط ثم تأخذ المجمع عليها من الأوسط سهما ونصفا من ثمانية عشر سهما نصف الثمن ، وأن حق المختلف فيها في ثلاثة ، وحقه في أربعة عشر ، وهو سبعة أثمان فإذا جمعت هذه السهام كانت ثمانية عشر ونصفا فيأخذ منه سهما ونصفا من ثمانية عشر ونصف لهذا ، ويضمه إلى ما في يد الأصغر فيقاسمه على عشرة أسهم لها ثلاثة ، وله سبعة ; لأنهما تصادقا على أن حقهما في ثمن المال ثلاثة من أربعة وعشرين ، وأن حقه في سبعة فيقسم ما في يده بينهما على هذا ثم يقاسم الأوسط مع المختلف فيها ما بقي في يده على سبعة عشر سهما لتصادقهما على أن حق الأوسط في أربعة عشر ، وحقها في ثلاثة فيقاسم الأكبر المجحودة ما بقي على ثمانية لتصادقهما أن حقها في سهم ، وحقه في سبعة

ولو كانت المرأة التي أقر بها الأصغر هي التي أنكرها الأوسط ، والمسألة بحالها أخذت تلك المرأة من الأكبر جزءا من نصيبه ; لأن الأوسط مكذب بها فيسقط اعتبار سهامه في حقها ، وذلك سبعة من أربعة وعشرين يبقى سبعة عشر فلهذا أخذت منه سهما من سبعة عشر مما في يده ، وضمت ذلك إلى ما في يد الأصغر فيقاسمه على عشرة لها ثلاثة ، وله سبعة لتصادقهما على هذا ، واللتان أقر بهما الأوسط تأخذان من الأكبر جزأين من سبعة عشر جزءا من نصيبه ; لأن الأصغر مكذب بهما فلا تعتبر سهامه في حقهما ، وذلك سبعة يبقى سبعة عشر فلهذا أخذنا منه سهمين من سبعة عشر ثم يضمان ذلك إلى ما في يد الأوسط ، ويقاسمهما على عشرة أسهم للمرأتين ثلاثة ، وللأوسط سبعة ; لأن الأوسط مقر بأن حقهما في ثلاثة من أربعة وعشرين ، وهو الثمن ، وحقه في سبعة فإن تصادق النسوة فيما بينهن ، والتي أقر بها الآخر إحدى المرأتين اللتين أقر بهما الأوسط فإن المجحودة تأخذ من [ ص: 204 ] الأصغر ثمن نصيبه ; لأنه أقر لها بثمن جميع التركة ، وفي يده جزء من التركة فتأخذ منه ثمن ما في يده ، وتأخذ من الأوسط نصف ثمن نصيبه ; لأن الأوسط أقر بأن الثمن بينها وبين الأخرى نصفان لها نصف ثمن التركة ، وفي يده جزء من التركة فيعطيها نصف ثمن ذلك ، وتأخذ المختلف فيها من الأوسط جزءا ونصفا من سبعة عشر جزءا من نصيبه ; لأن الأصغر مكذب بها فتطرح سهامه ، وذلك سبعة من أربعة وعشرين يبقى سبعة عشر ، وقد أقر لها بنصف الثمن ، وهو سهم ونصف فلهذا أخذت مما في يده سهما ونصفا من سبعة عشر سهما ثم يجمع ما في يد النسوة إلى ما في يد الأكبر فيقتسمون ذلك على عشرة أسهم للنسوة ثلاثة ، ولكل ابن سبعة فما يجمع في أيديهم يقسم بينهم على ما تصادقوا

ولو كان الأصغر إنما أقر بالتي أنكرها الأوسط ، والمسألة على حالها أخذت تلك من الأصغر ثلاثة أجزاء من سبعة عشر جزءا من نصيبه ; لأن الأوسط مكذب بها فيسقط اعتبار نصيبها في حقه ، وقد أقر الأصغر لهذه بثمن كامل فلهذا تأخذ منه ثلاثة أسهم من سبعة عشر سهما من نصيبه ; لأن الأصغر يكذب بهما فيسقط اعتبار سهامه في حقهما ، والأوسط أقر لهاتين بثمن كامل فلهذا تأخذان منه ثلاثة أسهم من سبعة عشر من نصيبه ثم يجمع ما في يد النساء إلى ما في يد الأكبر ، ويقسم ذلك بينه وبينهن على عشرة له سبعة ، ولكل امرأة سهم ; لأنهم تصادقوا فيما بينهم على أن القسمة من أربعة وعشرين ، وأن لكل ابن سبعة ، ولكل امرأة سهم فما يجمع في أيديهم يكون مقسوما بينهم على ما تصادقوا عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية