الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن شرع في عمل إحياء ولم يتمه ) كحفر الأساس ( أو أعلم على بقعة بنصب أحجار أو غرز خشبا ) أو جمع ترابا أو خط خطوطا ( فمتحجر ) عليه أي مانع لغيره منه بما فعله بشرط كونه بقدر كفايته وقادرا على عمارته حالا ( و ) حينئذ ( هو أحق به ) من غيره اختصاصا لا ملكا والمراد ثبوت أصل الحقية له إذ لا حق لغيره فيه لخبر أبي داود { من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به } فظهر أنه لا يبطل حقه بنحو غرقه وتعذر الانتفاع به فيعود الانتفاع به أما ما زاد على كفايته فلا حق له فيه [ ص: 213 ] بخلاف ما عداه وإن كان شائعا فيبقى تحجره فيه وأما ما لا يقدر عليه حالا بل مآلا فلا حق له فيه ولما كان إطلاق الأحقية يقتضي الملك المستلزم لصحة البيع وعدم ملك الغير له استدركه بقوله ( لكن الأصح أنه لا يصح بيعه ) لما تقرر أنه غير مالك له وحق التملك لا يباع كحق الشفعة ومنه يؤخذ أنه لا تصح هبته وبما وطأت به لهذا الاستدراك اندفع التوقف فيه ( و ) الأصح ( أنه لو أحياه آخر ملكه ) وإن أثم ؛ لأنه حقق الملك كشراء ما سامه غيره هذا إن لم يعرض وإلا ملكه المحيي قطعا ويحرم عليه نحو نقل آلات المتحجر مطلقا ( ولو طالت مدة التحجر ) عرفا بلا عذر ولم يحي

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولما كان إطلاق الأحقية يقتضي الملك إلخ ) بل الإيهام كاف في الاستدراك ( قوله أنه لا تصح هبته ) أي كما قاله الماوردي ( قوله وبما وطأت به لهذا الاستدراك اندفع التوقف فيه ) وكيف يتوقف في الاستدراك مع أن مقابل الأصح قائل بصحة البيع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ومن شرع في عمل إلخ ) ولو شرع في الإحياء لنوع فغيره لنوع آخر ملكه بما يحيا به ذلك النوع الآخر كأن شرع في عمل بستان ثم قصد أن يجعله مزرعة ملكه بما يملك به المزرعة اعتبارا بالقصد الطارئ بخلاف ما إذا قصد نوعا وأتى بما يقصد به نوعا آخر كأن حوط البقعة بحيث تصلح للزريبة بقصد السكنى لم يملكها خلافا للإمام نهاية ومغني قال الرشيدي قوله وأتى بما يقصد به نوع آخر أي وكان المأتي به مما يقصد للملك وغيره في مثله بخلاف ما إذا كان لا يقصد إلا للملك فإنه يملك به مطلقا كالدار كما يأتي في كلامه قريبا ا هـ قول المتن ( أو أعلم إلخ ) عطف على شرع أي جعل لها علامة العمارة ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله أو جمع ترابا ) إلى قول المتن ولو أقطعه في المغني إلا قوله فظهر إلى أما إذا زاد وقوله وبما وطأت إلى المتن وقوله ويؤخذ منه إلى المتن ( قوله والمراد ثبوت أصل الحقية له إلخ ) قال الأزهري أحق في كلام العرب له معنيان أحدهما استيعاب الحق كقولك فلان أحق بماله أي لا حق لغيره فيه قال النووي في التحرير وهو المراد هنا والثاني الترجيح وإن كان للآخر فيه نصيب كخبر { الأيم أحق بنفسها } ا هـ رشيدي ( قوله فظهر إلخ ) لعل من قوله والمراد إلخ ( قوله بعود الانتفاع ) أي عود إمكانه ( قوله فلا حق له فيه ) أي في الزائد فلغيره إحياء الزائد كما قاله المتولي نهاية ومغني وقد يسأل عن المراد بكفايته وقد ظهر وفاقا لما ظهر ل م ر أن المراد بها ما يفي بغرضه من ذلك الإحياء فإن أراد إحياء دار مسكنا [ ص: 213 ] فكفايته ما يليق بمسكنه وعياله وإن أراد إحياء دور متعددة أو قرية كاملة ليستغلها في مؤناته فكفايته ما تكفيه غلته في مؤناته ولو قرية كاملة سم على منهج ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله وإن كان شائعا ) وإذا أراد غيره إحياء ما زاد هل يجوز الإقدام عليه من أي محل شاء أو لا بد من القسمة بينه وبين الأول ليتميز حق الأول عن غيره أو يخير الأول فيما يريد إحياءه فيه نظر ثم رأيت في الخادم قال ينبغي أن يراجع الأول ويقول له اختر لك جهة ا هـ ومراده بينبغي إلخ الوجوب ، وذلك لعدم تميز الزائد عن غيره فلو امتنع من الاختيار فينبغي أن الحاكم يعين جهة لمريد الإحياء فإن لم يكن حاكم وامتنع المحيي اختار مريد إحياء الزائد بنفسه ا هـ ع ش ( قوله فلا حق له فيه ) أي فيما لا يقدر على إحيائه حالا ولعل المرجع في القدرة حالا عرف بلد الإحياء فيختلف باختلاف المقصود فيه كأسبوع وشهر وسنة فأكثر ( قوله يقتضي الملك إلخ ) بل الإيهام كاف في الاستدراك ا هـ سم عبارة المغني يوهم أحقية الملك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومنه يؤخذ إلخ ) أي من التعليل ( قوله لا يصح هبته ) كما قاله الماوردي خلافا للدارمي نهاية ومغني

                                                                                                                              قول المتن ( وأنه لو أحياه آخر ملكه ) نظر لو أحياه الآخر بأن أتم على ما فعله الأول الذي شرع فيه ولم يتم هل يملكه بذلك قال م ر ظاهر كلامهم أنه يملكه أقول وتصير آلات الأول المبنية مغصوبة مع الثاني فللأول أن يطلب نزعها وإذا نزعت لا ينقض ملك الثاني المتم فليحرر سم على منهج أي إذا كان الباقي بعد نزع آلات الأول لا يصح مسكنا مثلا ا هـ ع ش ( قوله هذا ) أي الخلاف ( إن لم يعرض ) أي عن العمارة قال الرافعي والخلاف في هذه المسألة شبيه بما إذا عشش الطائر في ملكه وأخذ الفرخ غيره هل يملكه وكذا لو وصل ظبي في أرضه أو وقع الثلج فيها ونحو ذلك انتهى وقد وقع في ذلك اضطراب وسيأتي تحريره إن شاء الله تعالى في آخر الوليمة ا هـ مغني ( قوله وإلا ) أي إن أعرض أي بأن صرح به أو دل عليه القرائن القوية أخذ مما يأتي عن ع ش آنفا ( قوله نقل آلات المتحجر ) فإن نقلها أثم ودخلت في ضمانه ا هـ ع ش ( قوله مطلقا ) أي أعرض أو لا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية