[ ص: 62 ] . ولما كان الاستفهام إنكاريا، كان المعنى: ليس له ما تمنى، وكان ذلك دليلا قطعيا على أنه مربوب مقهور ممن له الأمر كله، فسبب عنه قوله: فلله أي الملك الأعظم وحده. ولما كانت الأخرى دار اللذات وبلوغ جميع الأماني وحرمانها، وكانوا يدعون فيها على تقدير كونها جميع ما يتمنون من شفاعة آلهتهم وإجابتها إلى إسعادهم ونحو ذلك، قدم قوله: الآخرة فهو لا يعطي الأماني فيها إلا لمن تبع هداه وخالف هواه والأولى فهو لا يعطي جميع الأماني فيها لأحد أصلا كما هو مشاهد، فمن ترك هواه فيها نال أمانيه في الآخرة، ومن تبع هواه لم يصل إلى مراده في الدنيا وحرم أمانيه في الآخرة، فلهذا قدمها لا للفاصلة فإنه لو قيل "الأخرى" لصلحت للفاصلة.