( وإن اجتمعت عليه الحولان تداخلت . وفي الجامع الصغير : ومن لم يؤخذ منه خراج رأسه حتى مضت السنة وجاءت سنة أخرى لم يؤخذ ) وهذا عند أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله : يؤخذ منه وهو قول الشافعي رحمه الله ( وإن مات عند تمام السنة لم يؤخذ منه في قولهم جميعا ، وكذلك إن مات في بعض السنة ) أما مسألة الموت فقد ذكرناها . وقيل خراج الأرض على هذا الخلاف . وقيل لا تداخل فيه بالاتفاق . لهما في الخلافية أن الخراج وجب عوضا ، والأعواض إذا اجتمعت وأمكن استيفاؤها تستوفى ، وقد أمكن فيما نحن فيه بعد توالي السنين ، [ ص: 56 ] بخلاف ما إذا أسلم ; لأنه تعذر استيفاؤه . ولأبي حنيفة أنها وجبت عقوبة على الإصرار على الكفر على ما بيناه ، ولهذا لا يقبل منه لو بعث على يد نائبه في أصح الروايات ، بل يكلف أن يأتي به بنفسه فيعطي قائما ، والقابض منه قاعد . وفي رواية : يأخذ بتلبيبه ويهزه هزا ويقول : أعط الجزية يا ذمي فثبت أنه عقوبة ، والعقوبات إذا اجتمعت تداخلت كالحدود ; ولأنها وجبت بدلا عن القتل في حقهم وعن النصرة في حقنا كما ذكرنا ، لكن في المستقبل لا في الماضي ; لأن القتل إنما يستوفى لحراب قائم في الحال لا لحراب ماض ، وكذا النصرة في المستقبل ; لأن الماضي وقعت الغنية عنه . ثم قول محمد في الجزية في الجامع الصغير وجاءت سنة أخرى ، حمله بعض المشايخ على المضي مجازا . [ ص: 57 ] وقال : الوجوب بآخر السنة ، فلا بد من المضي ليتحقق الاجتماع فتتداخل .
وعند البعض هو مجرى على حقيقته ، والوجوب عند أبي حنيفة بأول الحول فيتحقق الاجتماع بمجرد المجيء . والأصح أن الوجوب عندنا في ابتداء الحول ، وعند الشافعي في آخره اعتبارا بالزكاة . ولنا أن ما وجب بدلا عنه لا يتحقق إلا في المستقبل على ما قررناه فتعذر إيجابه بعد مضي الحول فأوجبناه في أوله .


