قال أما الوكالة فلتحقق المقصود وهو الشركة في المال على ما بيناه ، وأما الكفالة : فلتحقق المساواة فيما هو من مواجب التجارات وهو توجه المطالبة نحوهما جميعا . ( وتنعقد على الوكالة والكفالة )
قال ( وما يشتريه كل واحد منهما يكون على الشركة إلا طعام أهله وكسوتهم ) وكذا كسوته ، وكذا الإدام لأن مقتضى العقد المساواة ، وكل واحد منهما [ ص: 161 ] قائم مقام صاحبه في التصرف ، وكان شراء أحدهما كشرائهما ، إلا ما استثناه في الكتاب ، وهو استحسان لأنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة ، فإن الحاجة الراتبة معلومة الوقوع ، ولا يمكن إيجابه على صاحبه ولا التصرف من ماله ، ولا بد من الشراء فيختص به ضرورة . والقياس أن يكون على الشركة لما بينا ( وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء ) المشتري بالأصالة وصاحبه بالكفالة ، ويرجع الكفيل على المشتري بحصته مما أدى لأنه قضى دينا عليه من مال مشترك بينهما .
قال ( وما يلزم كل واحد منهما من الديون بدلا عما يصح فيه الاشتراك فالآخر ضامن له ) تحقيقا للمساواة ، فمما يصح الاشتراك فيه الشراء والبيع والاستئجار ، ومن القسم الآخر الجناية والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد وعن النفقة . [ ص: 162 ] قال ( ولو كفل أحدهما بمال عن أجنبي لزم صاحبه عند ، وقالا : لا يلزمه ) لأنه تبرع ، ولهذا لا يصح من الصبي والعبد المأذون والمكاتب ، ولو صدر من المريض يصح من الثلث وصار كالإقراض والكفالة بالنفس . أبي حنيفة
أنه تبرع ابتداء ومعاوضة بقاء لأنه يستوجب الضمان بما يؤدي على المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره ، فبالنظر إلى البقاء تتضمنه المفاوضة ، [ ص: 163 ] وبالنظر إلى الابتداء لم تصح ممن ذكره وتصح من الثلث من المريض ، بخلاف الكفالة بالنفس لأنها تبرع ابتداء وانتهاء . وأما الإقراض فعن ولأبي حنيفة أنه يلزم صاحبه ، ولو سلم فهو إعارة فيكون لمثلها حكم عينها لا حكم البدل حتى لا يصح فيه الأجل فلا يتحقق معاوضة ، ولو كانت الكفالة بغير أمره لم تلزم صاحبه في الصحيح لانعدام معنى المفاوضة . أبي حنيفة
ومطلق الجواب في الكتاب محمول على المقيد ، وضمان الغصب والاستهلاك بمنزلة الكفالة عند لأنه معاوضة انتهاء . [ ص: 164 ] قال ( وإن ورث أحدهما ما لا يصح فيه الشركة أو وهب له ووصل إلى يده بطلت المفاوضة وصارت عنانا ) لفوات المساواة فيما يصلح رأس المال إذ هي شرط فيه ابتداء وبقاء ، وهذا لأن الآخر لا يشاركه فيما أصابه لانعدام السبب في حقه ، إلا أنها تنقلب عنانا للإمكان ، فإن المساواة ليست بشرط فيه ، ولدوامه حكم الابتداء لكونه غير لازم ( وإن ورث أحدهما عرضا فهو له ولا تفسد المفاوضة ) وكذا العقار لأنه لا تصح فيه الشركة [ ص: 165 ] فلا تشترط المساواة فيه . أبي حنيفة