الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

الفروع

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة

جزء

[ ص: 286 ] باب ما يفعله المصاب وما يفعل معه لأجل المصيبة

يستحب للمصاب أن يسترجع ( و ) فيقول : ( إنا لله ) أي نحن عبيده يفعل بنا ما يشاء ، ( وإنا إليه راجعون ) أي نحن مقرون بالبعث والجزاء على أعمالنا " اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها " أجرني مقصور و [ قيل ] ممدود وأخلف بقطع الهمزة وكسر اللام ، يقال لمن ذهب منه ما يتوقع مثله : أخلف الله عليك ، أي رد عليك مثله ، ومن ذهب منه ما لا يتوقع مثله : خلف الله عليك ، أي كان الله خليفة منه عليك قال الآجري وجماعة : ويصلي ركعتين ، وهو متجه ، فعله ابن عباس وقرأ { واستعينوا بالصبر والصلاة } ولم يذكرها جماعة ، ولأحمد وأبي داود عن حذيفة : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى } ، ولمسلم عن أم سلمة مرفوعا { إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون . فلما مات أبو سلمة قال : قولي : اللهم اغفر لي وله واعقبني منه عقبى حسنة } ويصبر والصبر الحبس ويجب منه ما يمنعه عن محرم ، وقد سبق في الفصل الثالث من كتاب الجنائز ، قال شيخنا : عمل القلب كالصبر والتوكل والخوف والرجاء وما يتبع ذلك واجب باتفاق الأئمة الأربعة ، قال : ولم يأمر الشرع بالحزن ، بل نهى عنه في مواضع ، وإن تعلق بأمر الدين ، لكن لا يذم ولا يحمد عليه لمجرده .

[ ص: 286 ] بَابُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَابُ وَمَا يُفْعَلُ مَعَهُ لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ

يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَابِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ ( و ) فَيَقُولَ : ( إنَّا لِلَّهِ ) أَيْ نَحْنُ عَبِيدُهُ يَفْعَلُ بِنَا مَا يَشَاءُ ، ( وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ) أَيْ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ عَلَى أَعْمَالِنَا " اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا " أَجِرْنِي مَقْصُورٌ وَ [ قِيلَ ] مَمْدُودٌ وَأَخْلِفْ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مَا يُتَوَقَّعُ مِثْلَهُ : أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك ، أَيْ رَدَّ عَلَيْك مِثْلَهُ ، وَمَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مَا لَا يُتَوَقَّعُ مِثْلَهُ : خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك ، أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً مِنْهُ عَلَيْك قَالَ الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ : وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ ، فَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } وَلَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ ، وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد عَنْ حُذَيْفَةَ : { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى } ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا { إذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّت فَقُولُوا خَيْرًا ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ . فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ : قُولِي : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَاعْقُبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً } وَيَصْبِرُ وَالصَّبْرُ الْحَبْسُ وَيَجِبُ مِنْهُ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ مُحَرَّمٍ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ ، قَالَ شَيْخُنَا : عَمَلُ الْقَلْبِ كَالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ، قَالَ : وَلَمْ يَأْمُرْ الشَّرْعُ بِالْحُزْنِ ، بَلْ نَهَى عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ ، لَكِنْ لَا يُذَمُّ وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِهِ .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث