[ ص: 307 ] فصل . كل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها للمسلم نفعه ذلك ، وحصل له الثواب ، كالدعاء ( ع ) والاستغفار ( ع ) وواجب تدخله النيابة ( ع ) وصدقة التطوع ( ع ) وكذا العتق ، ذكره وأصحابه أصلا ، وذكره القاضي أبو المعالي وشيخنا ( ع ) وصاحب المحرر ( و ) وكذا حج التطوع ( ر ) وفي المجرد : من م وقع عمن حج ، لعدم إذنه ، وكذا القراءة والصلاة والصيام ، نقل حج نفلا عن غيره الكحال في الرجل يعمل شيئا من الخير من صلاة أو صدقة أو غير ذلك ويجعل نصفه لأبيه أو أمه : أرجو ، وقال : ( الميت يصل إليه كل شيء من الخير من صدقة أو صلاة أو غيره م ش هـ ر ) وفرقوا بأن صدقة التطوع تصح النيابة فيها ، فلهذا لم يقع ثوابه لغيره ، ولو لم يصح ، وأجاب تصدق عن نفسه تطوعا ثم أهدى ثوابه وغيره بأن عتقه عن الميت بلا وصية يقع عن المعتق ، بدليل الولاء له ولعصبته ، ومع هذا فقد صرف الثواب إلى الميت . القاضي
وقال صاحب المحرر في العتق : قد صح إهداؤه وإن وقع عن فاعله ، فإن أراد ما قاله صاحب المحرر من نقل ثواب وقع لفاعله لم يسلمه المخالف ، وهو محل النزاع ، وإن أراد أن الولاء للمعتق والثواب للمعتق عنه بمجرد العتق فليس بجواب ، والثاني ظاهر ما ذكروه من الأثر ، فكان القاضي [ ص: 308 ] الحسن يعتقان عن والحسين رضي الله عنهم بعد موته ، رواه علي أبو حفص وأعتقت عائشة عن أخيها عبد الرحمن بعد موته ، ذكره ، ولم ينقل غير العتق ، ونصوص ابن المنذر على هذا ، كما يأتي في الفرائض ، مع أن صاحب المحرر وغيره جزموا هناك بأن الثواب للمعتق ، وكان وجهه أن يتبع الولاء ، ولم يذكر في التبصرة خلافه إلا احتمالا ، قال : لأن القرب يصل ثوابها إلى الميت ، ثم الصوم والصلاة والزكاة والحج والأذان ، لا يصح إهداؤه ، مع دخول النيابة في بعضها : قال أحمد : ولأن الثواب تبع للفعل ، فإذا جاز أن يقع المتبوع لغيره جاز أن يقع التبع ، ولا يضر كونه أهدى ما لا يتحقق حصوله ; لأنه يظنه ، ثقة بالوعد وحسنا للظن ، فلا يستعمل الشك ، نقل القاضي المروذي : إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسي وثلاث مرات ( قل هو الله أحد ) ثم قولوا : اللهم إن فضله لأهل المقابر ، يعني ثوابه .
وقال : لا بد من قوله : اللهم إن كنت أثبتني على هذا فقد جعلت ثوابه أو ما شاء منه لفلان ; لأنه قد يتخلف ، فلا يتحكم على الله . القاضي
وقال صاحب المحرر : من سأل الثواب ثم أهداه كقوله : اللهم أثبني على عملي هذا أحسن الثواب واجعله لفلان كان أحسن ، ولا يضر كونه مجهولا ; لأن الله يعلمه ، كمن صح ، ذكره وكل رجلا في أن يهدي شيئا من ماله يعرفه الوكيل فقط ، وقيل : يعتبر أن ينويه بذلك وقت فعل القربة ، وفي تبصرة القاضي الحلواني : قبله .
وفي مفردات : يشترط أن تتقدم نية ذلك أو تقارنه ، فإن أرادوا أنه يشترط للإهداء ونقل الثواب أن ينوي الميت به ابتداء كما فهمه بعض [ ص: 309 ] المتأخرين وبعده فهو مع مخالفته لعموم كلام ابن عقيل والأصحاب لا وجه له في أثر ولا نظر ، وإن أرادوا أنه يصح أن تقع القربة عن الميت ابتداء بالنية له فهذا متجه ، ولهذا قال الإمام ابن الجوزي : ثواب القرآن يصل إلى الميت إذا نواه قبل الفعل ، ولم يعتبر إلا هذا ، فظاهره عدمها ، وهو ظاهر ما سبق في التبصرة .
وفي الفنون عن حنبلي : يشترط تقديم النية ; لأن ما تدخله النيابة من الأعمال لا يحصل للمستنيب إلا بالنية من النائب قبل الفراغ .
وفي الفصول كما سبق في المجرد : أن من أحرم عن غيره حي أو ميت لم ينعقد عن الغير ، فلو وقع عن الحاج ، ولا نفقة له ، ولو كان ميتا وقع عن الميت ولا يحتاج إلى إذن ، لقدرة الحي على التكسب ، والميت بخلافه ، ويصير كأنه مهد للميت ثوابها ، فقد جعل نية الميت بالقربة ابتداء يقع عنه كمهد إليه ثوابها ، ولعل هذا ظاهر كلام الأصحاب لقياسهم على الصدقة ، واحتج بعضهم بقوله عليه السلام { ناب عن حي في حج فاعتمر } وبأن الميت أولى من المحتضر ، وبأنه أذن في الحج ولم يستفصل ، { اقرءوا يس على موتاكم ولو أقر أبوك بالتوحيد فصمت عنه أو تصدقت عنه نفعه ذلك لعمرو بن العاص } رواه الإمام وبقوله ، ويأتي كلام صاحب المحرر في أول الفصل بعده ، وسبق كلام أحمد : الثواب يقع . القاضي
وقال أيضا : لا يصح أن يفعله عن غيره ، وإنما يقع ثوابه [ ص: 310 ] عن غيره ، وهذا ظاهر كلام ، ثم ذكر رواية أحمد المروذي السابقة ولم يستدل له ، كذا قال ، قال : وعلى هذا يقول : لو صلى فرضا وأهدى ثوابه صحت الهدية ، ولا يمتنع أن يعرى عمله عن ثواب ، كالصلاة في مكان غصب ، ثم له مثل أجره لخبر ، عن أبيه ، عن جده ، مرفوعا ، رواه عمرو بن شعيب حرب وقال شيخنا : أو أكثر ، والأشهر خلاف قول في ثواب الفرض ، وبعده بعضهم ، ويستحب إهداء القرب ، قيل القاضي : فقد قال للقاضي : ما يعجبني أن يخرج من الصف الأول ويقدم أباه وهو يقدر أن يبره بغير هذا ، فقال : وقد نقل ما يدل على نفي الكراهة ، فنقل أحمد أبو بكر بن حماد فيمن يأمره أبوه بتأخير ، الصلاة ليصلي به ، قال : يؤخرها ، والوجه فيه أنه ندب إلى طاعة أبيه في ترك صوم النفل وصلاة النفل ، وقد نقل هارون : لا يعجبني أن يصوم إذا نهاه ، كذا قال : ندب .
وقال : فإن قيل : الإيثار بالفضائل والدين غير جائز عندكم ، ثم ذكر نحو كلام أبو المعالي ، وهذا منهما تسوية بين نقل الثواب بعد ثبوته له وبين نقل سبب الثواب قبل فعله ، وسبقت المسألة في آخر الجمعة . القاضي
وقال في كتاب الهدي ، في غزوة الطائف أي فرق بين أن يؤثره بفعلها ليحرز ثوابها وبين أن يعمل ثم يؤثره بثوابها ؟ قال في الفنون : يستحب إهداؤها حتى للنبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 311 ] وكذا قال صاحب المحرر .
وقال شيخنا : لم يكن من عادة السلف إهداء ذلك إلى موتى المسلمين ، بل كانوا يدعون لهم ، فلا ينبغي الخروج عنهم ، ولهذا لم يره شيخنا لمن له كأجر العامل ، كالنبي صلى الله عليه وسلم معلم الخير ، بخلاف الوالد لأن له أجرا لا كأجر الولد ; ولأن العامل يثاب على إهدائه ، فيكون له أيضا مثله ، فإن جاز إهداؤه فهلم جرا ، ويتسلسل ثواب العمل الواحد ، وإن لم يجز فما الفرق بين عمل وعمل ؟ ، وإن قيل : يحصل ثوابه مرتين للمهدى إليه ، ولا يبقى للعامل ثواب ، فلم يشرع الله لأحد أن ينفع غيره في الآخرة ، ولا منفعة له في الدارين ، فيتضرر ، ولا يلزم دعاؤه له ونحوه ; لأنه مكافأة له كمكافأته لغيره ينتفع به المدعو له ، وللعامل أجر المكافأة ، وللمدعو له مثله ، فلم يتضرر ولم يتسلسل ، ولا يقصد أجره إلا من الله ، وذكر أيضا أن أقدم من بلغه أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم علي بن الموفق ، أحد الشيوخ المشهورين من طبقة وشيوخ أحمد الجنيد .
وقال في تاريخه : الحاكم محمد بن إسحاق بن إبراهيم أبو العباس السراج محدث عصره ، وهو إمام الحديث بعد البخاري ببخارى : سمعت إبراهيم بن محمد بن يحيى ، سمعت السراج يقول : ختمت القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ألف ختمة ، وضحيت عنه اثنتي عشرة ألف أضحية ، [ ص: 312 ] والحي كالميت في نفعه بالدعاء ونحوه ، فكذا القراءة ونحوها ( و ) للحنفية ، قال : لا تعرف رواية بالفرق ، بل ظاهر رواية القاضي الكحال يعني السابقة ، قال : ويحتمل الفرق ; لأن العجز صح في الحج والصوم ، وانتفاعه بالدعاء بإجابته وقبول الشفاعة في المدعو ، وهو أمر آخر غير الثواب على نفس الدعاء ، وأطلق بعضهم وجهين ، وجزم به وغيره في حج النفل عن الحي ، ولم يستدل له . الشيخ
وقال صاحب المحرر : والأول أصح لأن نفع الإجابة وقبول الشفاعة في المدعو إنما حصل حيث قصده الداعي للمدعو له ، وأراده متقربا بسؤاله وخضوعه وتضرعه ، فكذلك ثواب سائر القرب الذي قصده بفعلها ، وصح عنه عليه السلام { } ، الحديث ، قال : وهو يدل على أن أمته أمواتهم وأحياءهم قد نالهم النفع والأجر بتضحيته ، وإلا كان ذلك عبثا ، فظاهر قوله هذا تجوز الصدقة وإهداء الثواب عن الأمة إلى يوم القيامة ، ولهذا احتج من احتج على أن الأضحية لا تجب ، واقتصر في هداية الحنفية على الاستدلال بالخبر المذكور ، وسبق الجلوس للتعزية وصنعة الطعام ، وهو صادق على ما قاله أنه ضحى بكبشين شيخنا : جمع أهل المصيبة الناس على طعام ليقرءوا ويهدوا له ليس معروفا في السلف ، والصدقة أولى منه ، لا سيما على من ينتفع به في [ ص: 313 ] مصلحة عامة ، كالقراء ونحوهم ، فإنه قد كرهه طوائف من العلماء من غير وجه ، وقرب دفنه منهي عنه ، عده السلف من النياحة ، وذكر خبر جرير السابق ، وهذا في المحتسب ، فكيف من يقرأ بالكراء .