الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3233 77 - حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر. فسمعه رجل من الأنصار فقام فلطم وجهه وقال: تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا! فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لم لطمت وجهه؟ فذكره، فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى رئي في وجهه، ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي، ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة في آخر الحديث، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز، والحديث مضى عن قريب في باب وفاة موسى عليه الصلاة والسلام.

                                                                                                                                                                                  قوله: (يعرض)؛ أي: يبرز متاعه للناس ليرغبوا في شرائه فأعطي له به ثمنا بخسا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أظهرنا) مقحم، وقد يوجه عدم إقحامه وهو أنه جمع ظهر، ومعناه أنه بينهم على سبيل الاستظهار كأن ظهرا منه قدامه وظهرا وراءه، فهو مكنون من جانبيه إذا قيل: بين ظهرانيهم ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ذمة وعهدا)؛ يعني مع المسلمين، فلم أخفر ذمتي ونقض عهدي باللطم؟

                                                                                                                                                                                  قوله: (لا تفضلوا بين أنبياء الله) معناه: لا تفضلوا بعضا بحيث يلزم منه نقص المفضول أو يؤدي إلى الخصومة والنزاع، أو لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل منهم مطلقا إذ الإمام أفضل من المؤذن مطلقا وإن كان فضيلة التأذين غير موجودة فيه، أو لا تفضلوا من تلقاء أنفسكم وأهوائكم. (فإن قلت): نهى -صلى الله عليه وسلم- عن التفضيل وقد فضل هو بنفسه موسى عليه السلام - قلت: لم يفضل، إذ معناه وأنا لا أدري أن هذا البعث فضيلة له أم لا، أو جاز له ما لم يجز لغيره. (فإن قلت): السياق يقتضي تفضيل موسى على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - قلت: لئن سلمنا لا يقتضي إلا تفضيله بهذا الوجه، وهذا لا ينافي كونه أفضل مطلقا من موسى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بصعقته يوم الطور) وهو في قوله تعالى: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا (فإن قلت): إن موسى قد مات، فكيف تدركه الصعقة؟ وأيضا قد ورد النص وأجمعوا أيضا على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة - قلت: المراد من البعث الإفاقة بقرينة الروايات الأخر حيث قال " أفاق قبلي "، وهذه الصعقة هي غشية بعد البعث عند نفخة الفزع الأكبر.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ولا أقول...) إلى آخره؛ أي: لا أقول من عند نفسي، أو قاله -صلى الله عليه وسلم- تواضعا وهضما لنفسه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية