الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3394 [ ص: 131 ] 94 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة، وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه، والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأن فيه إخبارا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن الأمور الآتية بعده فوقعت من ذلك أشياء وستقع أخرى.

                                                                                                                                                                                  وأبو اليمان بفتح الياء آخر الحروف الحكم بن نافع، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن. وهذا الحديث يتضمن أربعة أحاديث؛ أولها قتال الترك أورده من وجهين: أحدهما قوله: " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر " والآخر قوله: " وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه " إلى قوله: " المطرقة " وقد مر هذان في كتاب الجهاد في باب قتال الترك وباب الذين ينتعلون الشعر، الثاني هو قوله: " وتجدون " إلى قوله: فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لهذا الأمر " أي: الإمارة والحكومة. الثالث قوله: " والناس معادن إلى قوله: في الإسلام " وقد مر هذا في باب المناقب عن أبي هريرة، عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. الرابع هو قوله: " وليأتين " إلخ... ولنتكلم في بعض ألفاظه وإن كان مكرر الزيادة للفائدة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " في الحديث الأول: تقاتلوا قوما نعالهم الشعر " وفي الثاني: " تقاتلوا الترك " وهما جنسان من الترك كثيران، وقيل: المراد من القوم الأكراد، فوصف الأول بأن نعالهم الشعر وقيل: المراد تطول شعورهم حتى تصير أطرافها في أرجلهم موضع النعال، وقيل: المراد أن نعالهم من شعر؛ بأن يجعلوها من شعر مضفور، وفي رواية لمسلم: " يلبسون الشعور ". وزعم ابن دحية أن المراد القندس الذي يلبسونه في الشرابيش قال: وهو جلد كلب الماء، ووصف الثاني بصغر العيون كأنها مثل خرق المسلة وبحمرة الوجه كأن وجوههم مطلية بالصبغ الأحمر وبذلافة الأنوف فقال: ذلف الأنوف والذلف بضم الذال المعجمة جمع أذلف، وروي بالمهملة أيضا وهو صغر الأنف مستوى الأرنبة وقيل: الذلافة تشمير الأنف عن الشفة العليا، وجاء: فطس الأنوف. والفطاسة انفراش الأنف.

                                                                                                                                                                                  قوله: " كالمجان " وهو جمع مجن وهو الترس، والمطرقة بضم الميم وسكون الطاء وفتح الراء، وقال عياض: الصواب فيه المطرقة بتشديد الراء، وذكر ابن دحية عن شيخه أبي إسحاق أن الصواب سكون الطاء وفتح الراء، وهي التي أطرقت بالعقب أي: ألبست حتى غلظت فكأنها ترس على ترس، ومنه طارقت النعل إذا ركبت جلدا على جلد وخرزته.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية