الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3532 230 - حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قدمت الشأم فصليت ركعتين ثم قلت: اللهم يسر لي جليسا صالحا، فأتيت قوما فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي، قلت: من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء، فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا فيسرك لي، قال: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أوليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلم أحد غيره؟ ثم قال: كيف يقرأ عبد الله: والليل إذا يغشى فقرأت عليه: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى؟ قال: والله لقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه إلى في.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان " لأن المراد به هو عمار بن ياسر، وفي قوله: " أوليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم " لأن المراد به حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  ومالك بن إسماعيل بن زياد أبو غسان النهدي الكوفي، وروى عنه مسلم بواسطة، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، والمغيرة هو ابن مقسم أبو هشام الضبي الكوفي، وإبراهيم النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فجلست إليهم " أي: حتى انتهى جلوسي إليهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فإذا شيخ " كلمة إذا للمفاجأة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قالوا: أبا الدرداء " واسمه عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي الفقيه الحكيم، مات بدمشق سنة [ ص: 237 ] اثنتين وثلاثين.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال: ممن أنت؟ " ويروى: فقال بفاء العطف.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أوليس عندكم ابن أم عبد " أراد به عبد الله بن مسعود؛ لأن أمه أم عبد بنت عبد ود بن سواء، مات ابن مسعود بالمدينة، وقيل: بالكوفة، والأول أثبت، سنة اثنتين وثلاثين، قيل: كان مراد أبي الدرداء من هذا السؤال أنه فهم من علقمة أنه قدم دمشق لطلب العلم، فقال: أوليس عندكم من العلماء من لا يحتاج إلى غيره، ويستفاد منه: أن الشخص لا يرحل عن بلده لأجل طلب العلم إلا إذا لم يجد أحدا يعلمه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " صاحب النعلين " أي: نعلي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وكان ابن مسعود هو الذي كان يحمل نعلي النبي صلى الله عليه وسلم، ويتعاهدهما.

                                                                                                                                                                                  قوله: " والوساد " وفي رواية شعبة صاحب السواك بالكاف أو السواد بالدال، ووقع في رواية الكشميهني: والوسادة، ورواية السواد أوجه؛ لأن السواد السرار براءين، بكسر السين فيهما، والوساد المخدة، وقال الجوهري: السواد السرار تقول: ساودته مساودة وسوادا أي: ساررته، وأصله إدناء سوادك من سواده وهو الشخص.

                                                                                                                                                                                  قوله: " والمطهرة " بكسر الميم الإداوة، وكل إناء يتطهر به، وفي رواية السرخسي: والمطهر بغير هاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم خصص ابن مسعود بنفسه اختصاصا شديدا كان لا يحجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء، ولا يخفي عنه سره، وكان يلج عليه، ويلبسه نعليه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إذنك علي أن ترفع الحجاب، وتسمع سوادي حتى أنهاك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان " كذا هو بواو العطف في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: أفيكم، بهمزة الاستفهام، وفي رواية شعبة: أليس فيكم أو منكم بالشك، ومعنى قوله: " الذي أجاره الله من الشيطان " يعني على لسان نبيه، وفي رواية شعبة: أجاره الله على لسان نبيه، وزاد في روايته: يعني عمارا، وأراد به قوله صلى الله عليه وسلم: " ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " وذلك حين أكرهوه على الكفر بسبه صلى الله عليه وسلم، قيل: ويحتمل أن يكون المراد بذلك حديث عائشة مرفوعا: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما، رواه الترمذي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أوليس فيكم " الهمزة فيه للاستفهام.

                                                                                                                                                                                  قوله: " صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم " أراد به حذيفة، فإنه صلى الله عليه وسلم أعلمه أمورا من أحوال المنافقين وأمورا من الذي يجري بين هذه الأمة فيما بعده، وجعل ذلك سرا بينه وبينه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " الذي لا يعلم " كذا هو في رواية الأكثرين بحذف الضمير المنصوب في يعلم، وفي رواية الكشميهني: الذي لا يعلمه، وكان عمر رضي الله تعالى عنه إذا مات واحد يتبع حذيفة، فإن صلى عليه هو صلى عليه أيضا عمر، وإلا فلا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " كيف يقرأ عبد الله " يعني ابن مسعود.

                                                                                                                                                                                  قوله: " والذكر والأنثى " أي: وكان يقرأ بدون: وما خلق وهذه خلاف القراءة المتواترة المشهورة، ويقال: قرأ عبد الله: والذكر والأنثى، أنزل كذلك ثم أنزل: وما خلق فلم يسمعه عبد الله ولا أبو الدرداء، وسمعه سائر الناس وأثبتوه، وهذا كظن عبد الله أن المعوذتين ليستا من القرآن، والله أعلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية