الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3251 وقال ابن وهب: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: نساء قريش خير نساء ركبن الإبل؛ أحناه على طفل، وأرعاه على زوج في ذات يده. يقول أبو هريرة على إثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " ولم تركب مريم بنت عمران ".

                                                                                                                                                                                  وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري، ويونس هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، وهذا التعليق وصله مسلم عن حرملة عن ابن وهب إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (نساء قريش) كلام إضافي مبتدأ، وقوله: " خير نساء ركبن الإبل " خبره، وهو كناية عن نساء العرب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أحناه على طفل)؛ يعني أشفقه وأعطفه، وكان القياس أن يقال: أحناهن، لكن قالوا: العرب لا تتكلم في مثله إلا مفردا. وقال ابن الأثير: إنما وحد الضمير ذهابا إلى المعنى، تقديره: أحنى من وجد أو خلق أو من هناك. ومثله.. قوله: " أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا "، يريد أحسنهم خلقا، وهو كثير في العربية ومن أفصح الكلام. وأحنى على وزن أفعل التفضيل، من حنا يحنو أو حنى يحني، ومنه الحانية وهي التي تقيم على ولدها ولا تتزوج شفقة وعطفا، ويقال: حنت المرأة على ولدها تحنو إذا لم تتزوج بعد أبيهم.

                                                                                                                                                                                  وفي التوضيح: وفي بعض الكتب " أحناه " بتشديد النون. وقال ابن التين: ولعله مأخوذ من الحنان وهو الرحمة، ومنه حنين المرأة وهو نزاعها إلى ولدها وإن لم يكن لها صوت عند ذلك، وقد يكون حنينها صوتها على ما جاء في الحديث من حنين الجذع، والأصل فيه ترجيع الناقة صوتها على إثر ولدها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وأرعاه) كذلك أفعل التفضيل من رعى يرعى رعاية، والكلام فيه مثل الكلام في " أحناه ".

                                                                                                                                                                                  قوله: (في ذات يده)؛ أي: في ماله المضاف إليه.

                                                                                                                                                                                  وفيه فضيلة نساء قريش وفضل هذه الخصال؛ وهي الحنو على الأولاد والشفقة عليهم وحسن تربيتهم، ومراعاة حق الزوج في ماله وحفظه والأمانة فيه وحسن تدبيره في النفقة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (على إثر ذلك)؛ أي: على عقبه، " ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط " يريد به أن مريم لم تدخل في النساء المذكورات بما ذكرن؛ لأنه قيده بركوب الإبل ومريم لم تكن ممن يركب الإبل، وقال صاحب التوضيح: يؤخذ من قول أبي هريرة هذا ومن ذكر البخاري له في قصة مريم تفضيلها على خديجة وفاطمة لأنهما من العرب المخصوصين بركوب الإبل.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية