الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3420 120 - حدثنا معلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن مختار، حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: لا بأس طهور إن شاء الله فقال له: لا بأس طهور إن شاء الله قال: قلت: طهور! كلا، بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فنعم إذا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " فنعم إذا " وذلك من حيث إن الأعرابي لما رد على النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " لا بأس طهور إن شاء الله " مات على وفق ما قاله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: ووجه دخوله في هذا الباب أن في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره من رواية شرحبيل والد عبد الرحمن فذكر نحو حديث ابن عباس رضي الله عنه، وفي آخر فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: أما إذا أبيت فهي كما تقول، وقضاء الله كائن، فما أمسى من الغد إلا ميتا. انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: الذي ذكرنا أوجه؛ لأن الذي ذكره هو حاصل قوله: " فنعم إذا " وتوجيه المطابقة من نفس الحديث أوجه من توجيهها من حديث آخر هل البخاري وقف عليه أم لا؟ وهل هو على شرطه أم لا؟ وعبد العزيز بن المختار بالخاء المعجمة الأنصاري الدباغ مر في الصلاة، وخالد هو ابن مهران الحذاء.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطب عن إسحاق عن خالد، وفي التوحيد عن محمد بن عبد الله، وأخرجه النسائي في الطب، وفي اليوم والليلة عن سوار بن عبد الله.

                                                                                                                                                                                  قوله: " على أعرابي " قال الزمخشري في ربيع الأبرار: اسم هذا الأعرابي قيس، فقال في باب الأمراض والعلل: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على قيس بن أبي حازم يعوده فذكر القصة، وقال بعضهم: لم أر تسميته لغيره، فهذا إن كان محفوظا فهو غير قيس بن أبي حازم أحد المخضرمين؛ لأن صاحب القصة مات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقيس لم ير النبي صلى الله عليه وسلم في حياته. انتهى. قلت: عدم رؤيته ذلك لا ينافي رؤية غيره مع أن بعضهم قال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخطب. قوله: " يعوده في الموضعين " جملة حالية. قوله: " إن شاء الله " بمعنى الدعاء. قوله: " قال قلت: " أي: قال الأعرابي مخاطبا للنبي صلى الله عليه وسلم قلت: طهور. قوله: " كلا " أي: ليس بطهور فأبى وسخط فلا جرم أماته الله. قوله: " أو تثور " بالثاء المثلثة شك من الراوي. قوله: " تزيره " بضم التاء المثناة من فوق من أزاره إذا حمله على الزيارة. قوله: " فنعم إذا " أي: نعم بإزارة القبور حينئذ، ويجوز أن يكون الشارع قد علم أنه سيموت من مرضه فقوله: " طهور إن شاء الله " دعاء له بتكفير ذنوبه، ويجوز أن يكون أخبر بذلك قبل موته بعد قوله.

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب التوضيح في قوله: " لا بأس طهور " فيه دلالة على أن الطهور هو المطهر خلافا لأبي حنيفة في قوله: الطهور هو الطاهر قلت: ليت شعري من نقل هذا عن أبي حنيفة، وكيف يقول ذلك والطهور صيغة مبالغة، فإذا كان بمعنى طاهر يفوت المقصود.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية