الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3624 320 - حدثنا قتيبة، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله، فكانت قريش تحلف بآبائها فقال: لا تحلفوا بآبائكم "

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه؛ فإن فيه النهي عن الحلف بالآباء لأنه من أفعال الجاهلية، والحديث أخرجه مسلم في الأيمان والنذور عن يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيوب، وقتيبة، وعلي بن حجر، وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر، وكلمة " ألا " للتنبيه فتدل على تحقق ما قبلها.

                                                                                                                                                                                  قوله: " من كان حالفا " يعني من أراد أن يحلف لتأكيد فعل أو قول فلا يحلف إلا بالله؛ لأن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهى به غيره، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: " لأن أحلف بالله تعالى مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر ويكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته، وسواء في ذلك النبي والكعبة والملائكة والأمانة والروح وغير ذلك، ومن أشدها كراهة الحلف بالأمانة. (فإن قلت): قد أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله: (والصافات) (والذاريات) (والعاديات). (قلت): إن لله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفها. قوله: " فكانت قريش تحلف بآبائها " بأن يقول واحد منهم عند إرادة الحلف: وأبي أفعل هذا، أو وأبي لا أفعل، أو يقول: وحق أبي أو تربة أبي ونحو ذلك، فنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: " لا تحلفوا بآبائكم لأن هذا من أيمان الجاهلية "، وفي رواية مسلم: " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت "، وفي رواية: " لا تحلفوا بالطواغيت ولا بآبائكم "، قال النووي: (فإن قيل): هذا الحديث مخالف لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم (أفلح وأبيه إن صدق) (فجوابه) إن هذه كلمة تجري على اللسان لا يقصد بها اليمين، وقال غيره: بل هي من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد، ولا يراد بها القسم، كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية