الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
586 8 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=hadith&LINKID=650576أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=treesubj&link=22714إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.
مطابقته للترجمة في قوله: (مثل ما يقول المؤذن) فهذا يوضح الإبهام الذي في قوله: (ما يقول إذا سمع المنادي) وقد تكرر ذكر رجاله، nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعطاء بن يزيد من الزيادة الليثي، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=17423ويونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أن عطاء بن يزيد أخبره، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12118أبو عوانة واختلف على nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري في إسناد هذا الحديث، وعلى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا لكنه اختلاف لا يقدح في صحته فرواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن سعيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وأبو حاتم ، nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي : حديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ومن تابعه أصح، ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد في مسنده عنه وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : إنه خطأ والصواب الرواية الأولى.
(ذكر من أخرجه غيره) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا في الصلاة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود، عن nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14230إسحاق بن موسى، عن nindex.php?page=showalam&ids=17125معن nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة وفي اليوم والليلة، عن nindex.php?page=showalam&ids=14923عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه، عن أبي بكر وأبي كريب كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب، كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : حسن صحيح.
(ذكر معناه) قوله: ( النداء ) أي: الأذان. قوله: ( فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) مثل منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف أي: قولوا قولا مثل ما يقول المؤذن وكلمة ما مصدرية أي: مثل قول المؤذن والمثل هو النظير يقال: مثل ومثل ومثيل، مثل: شبه، وشبه وشبيه، والمماثلة بين الشيئين اتحادهما في النوع كزيد وعمرو في الإنسانية، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح : قوله: (المؤذن) مدرج والحديث (فقولوا مثل ما يقول) وليس فيه المؤذن، وفيه نظر لأن الإدراج لا يثبت بمجرد الدعوى والروايات في الصحيحين (مثل ما يقول المؤذن) وحذف صاحب العمدة لفظ المؤذن ليس بشيء وإنما قال: مثل ما يقول المؤذن بلفظ المضارع، ولم يقل: مثل ما قال المؤذن بلفظ الماضي ليكون قول السامع بعد كل كلمة مثل كلمتها، والصريح في ذلك ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة nindex.php?page=hadith&LINKID=677224أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان عندها فسمع المؤذن قال مثل ما يقول حين يسكت ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في صحيحه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم صحيح على شرط الشيخين قلت قوله: (على شرط الشيخين) غير جيد؛ لأن في سنده من ليس عندهما، ولا عند أحدهما وهو عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11937أبي بشر عنها وكذا nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ الأصبهاني .
(ذكر ما يستفاد منه) احتج بقوله: (فقولوا) أصحابنا أن nindex.php?page=treesubj&link=22714إجابة المؤذن واجبة على السامعين لدلالة الأمر على الوجوب، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، والظاهرية ألا ترى أنه يجب عليهم قطع القراءة وترك الكلام والسلام ورده، وكل عمل غير الإجابة، فهذا كله أمارة الوجوب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور الفقهاء: الأمر في هذا الباب على الاستحباب دون الوجوب، وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أيضا، وقال النووي : تستحب إجابة المؤذن بالقول مثل قوله لكل [ ص: 118 ] من سمعه من متطهر ومحدث وجنب وحائض وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة.
فمن أسباب المنع أن يكون في الخلاء أو جماع أهله أو نحوها، ومنها أن يكون في صلاة فمن كان في صلاة فريضة أو نافلة وسمع المؤذن لم يوافقه في الصلاة فإذا سلم أتى بمثله فلو فعله في الصلاة هل يكره، فيه قولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : ففي أظهرهما يكره لكن لا تبطل صلاته فلو قال: حي على الصلاة، والصلاة خير من النوم بطلت صلاته إن كان عالما بتحريمه لأنه كلام آدمي ولو سمع الأذان وهو في قراءة وتسبيح ونحوهما قطع ما هو فيه وأتى بمتابعة المؤذن ويتابعه في الإقامة كالأذان إلا أنه يقول في لفظ الإقامة: أقامها الله وأدامها، وإذا ثوب المؤذن في صلاة الصبح فقال: الصلاة خير من النوم قال سامعه: صدقت وبررت، انتهى.
وقال أصحابنا: يجب على السامع أن يقول مثل ما قال المؤذن إلا قوله: (حي على الصلاة) فإنه يقول مكان قوله: (حي على الصلاة) (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ومكان قوله: (حي على الفلاح) (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن)؛ لأن إعادة ذلك تشبه المحاكاة والاستهزاء وكذا إذا قال المؤذن: الصلاة خير من النوم، لا يقول السامع مثله ولكن يقول: صدقت وبررت وينبغي أن لا يتكلم السامع في خلال الأذان والإقامة ولا يقرأ القرآن ولا يسلم ولا يرد السلام، ولا يشتغل بشيء من الأعمال سوى الإجابة، ولو كان في قراءة القرآن يقطع ويسمع الأذان ويجيب وفي فوائد الرستغفني : لو سمع وهو في المسجد يمضي في قراءته وإن كان في بيته فكذلك إن لم يكن أذان مسجده، وعن الحلواني لو أجاب باللسان ولم يمش إلى المسجد لا يكون مجيبا ولو كان في المسجد ولم يجب لا يكون آثما ولا تجب الإجابة على من لا تجب عليه الصلاة ولأجيب أيضا وهو في الصلاة سواء كانت فرضا أو نفلا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : اختلف أصحابنا nindex.php?page=treesubj&link=22714هل يحكي المصلي لفظ المؤذن في حالة الفريضة أو النافلة أم لا يحكيه فيهما، أم يحكي في النافلة دون الفريضة؟ على ثلاثة أقوال، انتهى، ثم اختلف أصحابنا هل يقول عند سماع كل مؤذن أم الأول فقط، وسئل ظهير الدين عن هذه المسألة فقال: يجب عليه إجابة مؤذن مسجده بالفعل " فإن قلت ": روى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=657583 (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر وكان يستمع الأذان فإن سمع الأذان أمسك وإلا أغار قال: فسمع رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على الفطرة ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار فنظروا فإذا هو راعي معزى) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من حديث عبد الله قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=684512 (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فسمع مناديا وهو يقول: الله أكبر الله أكبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على الفطرة، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار فابتدرناه فإذا هو صاحب ماشية أدركته الصلاة فأذن لها) قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع المنادي ينادي وقال غير ما قال فدل ذلك على أن قوله: (إذا سمعتم المنادي فقولوا مثل الذي يقول) إن ذلك ليس على الإيجاب وأنه على الاستحباب والندبة إلى الخير وإصابة الفضل كما قد علم الناس من الدعاء الذي أمرهم أن يقولوا في دبر الصلوات، وما أشبه ذلك، " قلت ": الأمر المطلق المجرد عن القرائن يدل على الوجوب ولا سيما قد تأيد ذلك بما روي من الأخبار والآثار في الحث على الإجابة، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن nindex.php?page=showalam&ids=15243المسيب بن رافع، عن عبد الله قال: من الجفاء أن تسمع المؤذن ثم لا تقول مثل ما يقول انتهى، ولا يكون من الجفاء إلا ترك الواجب، وترك المستحب ليس من الجفاء، ولا تاركه جاف، والجواب عن الحديثين: أنهما لا ينافي إجابة الرسول لذلك المنادي بمثل ما قال ويكون الراوي ترك ذكره أو يكون الأمر بالإجابة بعد هذه القضية. قوله: (على الفطرة) أي: على الإسلام إذا كان الأذان شعارهم ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أغار لأنه كان فرق ما بين بلد الكفر وبلد الإسلام " فإن قلت ": كيف يكون مجرد القبول بلا إله إلا الله إيمانا " قلت ": هو إيمان بالله في حق المشرك، وحق من لم يكن بين المسلمين، أما الكتابي والذي يخالط المسلمين لا يصير مؤمنا إلا بالتلفظ بكلمتي الشهادة بل شرط بعضهم التبري مما كان عليه من الدين الذي يعتقده، وأما الدليل على ما ذهب إليه أصحابنا في الحيعلتين والصلاة خير من النوم فسنذكره في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى.