الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5948 3 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: قال أبو هريرة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: والله، إني لأستغفر الله وأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه أوضح الإجمال الذي في الترجمة من كمية استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم، وأنه أكثر من سبعين مرة، وإنما كان يستغفر هذا المقدار مع أنه معصوم ومغفور له; لأن الاستغفار عبادة، أو هو تعليم لأمته، أو استغفار من ترك الأولى، أو قاله تواضعا، أو ما كان عن سهو، أو قبل النبوة، وقيل: اشتغاله بالنظر في مصالح الأمة ومحاربة الأعداء وتأليف المؤلفة ونحو ذلك شاغل عن عظيم مقامه من حضوره مع الله عز وجل وفراغه مما سواه، فيراه ذنبا بالنسبة إليه، وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال فهو نزول عن عالي درجته فيستغفر لذلك.

                                                                                                                                                                                  وقيل: كان دائما في الترقي في الأحوال، فإذا رأى ما قبلها دونه استغفر منه، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وقيل: يتجدد للطبع غفلات تفتقر إلى الاستغفار، وقال ابن الجوزي: هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإن عصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر. قلت: لا نسلم ذلك; بل عصموا من الصغائر والكبائر جميعا قبل النبوة وبعدها، وشيخ البخاري فيه أبو اليمان هو الحكم بن نافع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أكثر من سبعين مرة"، وفي حديث أنس: إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة، يحتمل فيه المبالغة، ويحتمل أن يريد العدد بعينه. قوله: "أكثر" مبهم فيحتمل أن يفسر بما روي عن أبي هريرة أيضا بلفظ: إني أستغفر الله في اليوم مائة مرة، وروى النسائي من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة بلفظ: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية