الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5884 11 - حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرا حياته، وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل، وقد كان أبي بن كعب يسألني عنه، وكان أول ما نزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بها عروسا فدعا القوم، فأصابوا من الطعام، ثم خرجوا، وبقي منهم رهط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطالوا المكث، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج وخرجت معه كي يخرجوا، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشيت معه حتى جاء عتبة حجرة عائشة، ثم ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خرجوا فرجع، ورجعت معه حتى دخل على زينب، فإذا هم جلوس لم يتفرقوا، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجعت معه حتى بلغ عتبة حجرة عائشة، فظن أن قد خرجوا، فرجع ورجعت [ ص: 238 ] معه، فإذا هم قد خرجوا، فأنزل آية الحجاب؛ فضرب بيني وبينه سترا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: فأنزل آية الحجاب. ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي الكوفي، نزل مصر وروى عن عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في تفسير سورة الأحزاب بطرق مختلفة عن أنس، ومضى الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أنه كان فيه التفات" من التكلم إلى الغيبة، أو جرد من نفسه شخصا آخر يحكي عنه. قوله: " مقدم"؛ أي: وقت قدوم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة. قوله: " حياته"؛ أي: بقية حياته إلى أن مات. قوله: " وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب"؛ أي: بسبب نزوله، وإطلاق مثل ذلك جائز للإعلام لا للإعجاب. قوله: " وقد كان أبي بن كعب يسألني عنه"؛ أي: عن شأن الحجاب، وهو آية الحجاب، وهي قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الآية، فيه إشارة إلى اختصاصه بمعرفته; لأن أبي بن كعب أعلم منه، وأكبر سنا وقدرا، ومع جلالة قدره كان يستفيد منه. قوله: " مبتنى" على صيغة المفعول من الابتناء، وهو الزفاف. قوله: " عروسا" هو نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية