الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2605 - "إنما هما قبضتان؛ فقبضة في النار؛ وقبضة في الجنة"؛ (حم طب)؛ عن معاذ ؛ (ح) .

التالي السابق


(إنما هما قبضتان) ؛ تثنية "قبضة"؛ و"القبضة"؛ بمعنى "المقبوض"؛ كـ "الغرفة"؛ بمعنى "المغروف"؛ وهو بالضم: الاسم؛ وبالفتح: المرة؛ و"القبض": الأخذ بجميع الكف.

(تنبيه) :

سبق عن العارف ابن عربي ما يفيد أن المراد بالقبضتين هنا: سر الكمال الذاتي؛ الذي إذا انكشف إلى الأبصار يوم القيامة؛ يختلف أبصار الكافر؛ فيرمى به في النار؛ والمؤمن؛ فيدخله الجنة؛ فالقبضتان متحد معناهما؛ مثنى لفظهما؛ وبسرهما خلقت الجنة؛ والنار؛ والمنور؛ والمظلم؛ والمنعم؛ والمنتقم؛ وعلى ذلك المنوال قال: والأرض جميعا قبضته ؛ عرفنا من وضع اللسان أن يقال: "فلان في قبضتي"؛ يريد تحت حكمي؛ وإن كان لا شيء منه في يديه البتة؛ لكن أمره فيه ماض؛ وحكمه عليه قاض؛ كحكمه على ما ملكته يده حسا؛ وقبضت عليه؛ فلما استحالت الجارحة عليه (تعالى)؛ عدل العقل إلى روح القبضة ومعناها وفائدتها؛ وهو ملك ما قبضت عليه حالا؛ (فقبضة في النار؛ وقبضة في الجنة) ؛ أي: أنه - سبحانه وتعالى - قبض قبضة؛ وقال: "هذه إلى النار؛ ولا أبالي"؛ وقبض قبضة؛ وقال: "هذه إلى الجنة؛ ولا أبالي" ؛ فالعبرة إنما هي بسابق القضاء الإلهي؛ الذي لا يقبل تغييرا؛ ولا تبديلا؛ ولا يناقضه خبر؛ إنما الأعمال بالخواتيم ؛ لأن ربطها بها إنما هو لكون السابقة غيبا عنا؛ والخاتمة ظاهرة لنا؛ فنيطت الأعمال بها بالنسبة إلينا؛ ومع ذلك فيتعين العمل؛ لآية: فأما من أعطى واتقى ؛ ولا يغتر بإيحاء النفس؛ والشيطان؛ أنه لا عبرة بالعمل؛ بل بالسابقة؛ أو الخاتمة؛ فإنه تمويه وإضلال وغفلة عن وضع الأسباب للمسببات.

(حم طب؛ عن معاذ ) ؛ ابن جبل .




الخدمات العلمية