الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2766 - nindex.php?page=treesubj&link=31593 " أهل الشام ؛ سوط الله (تعالى)؛ في الأرض ؛ ينتقم بهم ممن يشاء من عباده؛ وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم؛ وأن يموتوا إلا هما وغما وغيظا وحزنا"؛ (حم ع طب)؛ nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء ؛ عن خريم بن فاتك ؛ (صح) .
nindex.php?page=treesubj&link=31593 ( أهل الشام ؛ سوط الله - تعالى - في الأرض) ؛ يعني: هم عذابه الشديد؛ يصبه على من يشاء من العبيد؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : من المجاز: nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=13فصب عليهم ربك سوط عذاب ؛ أي: فلما علم أن الضرب بالسوط أشد ألما من غيره؛ عبر به؛ (ينتقم بهم ممن يشاء من عباده) ؛ أي: يعاقبه بهم؛ قال في الصحاح: "انتقم الله منه"؛ عاقبه؛ (وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم) ؛ أي: يمتنع عليهم ذلك؛ (وأن يموتوا إلا هما) ؛ أي: قلقا؛ (وغيظا) ؛ أي: غضبا شديدا؛ قال في المصباح: "الغيظ": الغضب المحيط بالكبد؛ وهو أشد الغضب؛ (وغما) ؛ أي: كربا ووهنا؛ (وحزنا) ؛ في إشعاره إيذان بأن أهل الشام قد رزقوا حظا في سيوفهم؛ وشاهده ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب ؛ في التاريخ؛ أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كتب إلى nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار : "اختر لي المنازل"؛ فكتب إليه: "بلغنا أن الأشياء اجتمعت؛ فقال السخاء: أريد اليمن ؛ فقال حسن الخلق: أنا معك؛ وقال الجفاء: أريد الحجاز ؛ فقال الفقر: وأنا معك؛ وقال البأس: أريد الشام ؛ فقال السيف: وأنا معك؛ وقال العلم: أريد العراق؛ فقال العقل: وأنا معك؛ وقال الغنى: أريد مصر ؛ فقال الذل: وأنا معك؛ فاختر لنفسك" .
(حم ع طب؛ nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء ) ؛ المقدسي ؛ (عن خريم) ؛ بضم الخاء المعجمة؛ وفتح الراء؛ ( ابن فاتك ) ؛ بفتح الفاء؛ وكسر المثناة التحتية؛ الأسدي؛ الصحابي؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : بدري؛ له صحبة؛ وقال الهيثمي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني موقوفا على خريم ؛ ورجالهما ثقات.
محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور ، الشيخ الإمام الحافظ القدوة المحقق المجود الحجة بقية السلف ضياء الدين أبو عبد الله السعدي المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي صاحب التصانيف والرحلة الواسعة .
ولد سنة تسع وستين وخمسمائة بالدير المبارك بقاسيون . [ ص: 127 ] وأجاز له الحافظ السلفي ، وشهدة الكاتبة ، وعبد الحق اليوسفي ، وخلق كثير .
وسمع في سنة ست وسبعين وبعدها من أبي المعالي بن صابر ، والخضر بن طاوس ، والفضل بن البانياسي ، وعمر بن حمويه ، ويحيى الثقفي ، وأحمد بن علي بن حمزة بن الموازيني ، ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر ، وابن صدقة الحراني ، وعبد الرحمن بن علي الخرقي ، وإسماعيل الجنزوي ، وبركات الخشوعي ، وخلق كثير ، بدمشق ، وأبي القاسم البوصيري ، وإسماعيل بن ياسين ، وعدة بمصر ، وأبي جعفر الصيدلاني ، والقاسم بن أبي المطهر الصيدلاني ، وعفيفة الفارفانية ، وخلف بن أحمد الفراء ، وأسعد بن سعيد بن روح ، وزاهر بن أحمد الثقفي ، والمؤيد بن الإخوة ، وخلق بأصبهان ، والمؤيد الطوسي ، وزينب الشعرية ، وعدة بنيسابور ، وأبي روح عبد المعز بن محمد ، وطائفة ، بهراة ، وأبي المظفر بن السمعاني ، وجماعة ، بمرو ، والافتخار الهاشمي بحلب ، وعبد القادر الرهاوي وغيره بحران ، وعلي بن هبل بالموصل ، وبهمذان ، وغير ذلك .
وبقي في الرحلة المشرقية مدة سنين .
نعم ; وسمع ببغداد من المبارك بن المعطوش ، وأبي الفرج بن الجوزي ، وابن أبي المجد الحربي ، وأبي أحمد بن سكينة ، والحسين بن أبي حنيفة ، والحسن بن أشنانة الفرغاني وخلق كثير ببغداد ، وتخرج بالحافظ عبد الغني ، وبرع في هذا الشأن ، وكتب عن أقرانه ، ومن هو دونه ، كخطيب مردا ، والزين بن عبد الدائم ، وحصل الأصول الكثيرة ، وجرح وعدل ، وصحح وعلل ، وقيد وأهمل ، مع الديانة والأمانة ، والتقوى [ ص: 128 ] والصيانة ، والورع والتواضع والصدق والإخلاص وصحة النقل .
ومن تصانيفه المشهورة كتاب " فضائل الأعمال " مجلد ، كتاب " الأحكام " ولم يتم في ثلاث مجلدات ، " الأحاديث المختارة " وعمل نصفها في ست مجلدات ، " الموافقات " في نحو من ستين جزءا ، " مناقب المحدثين " ثلاثة أجزاء " ، فضائل الشام " جزآن ، " صفة الجنة " ثلاثة أجزاء ، " صفة النار " جزآن ، " سيرة المقادسة " مجلد كبير " فضائل القرآن " جزء ، " ذكر الحوض " جزء " النهي عن سب الأصحاب " جزء ، " سيرة شيخيه الحافظ عبد الغني والشيخ الموفق " أربعة أجزاء . " قتال الترك " جزء ، " فضل العلم " جزء .
ولم يزل ملازما للعلم والرواية والتأليف إلى أن مات ، وتصانيفه نافعة مهذبة . أنشأ مدرسة إلى جانب الجامع المظفري ، وكان يبني فيها بيده ، ويتقنع باليسير ، ويجتهد في فعل الخير ، ونشر السنة ، وفيه تعبد وانجماع عن الناس ، وكان كثير البر والمواساة ، دائم التهجد ، أمارا بالمعروف ، بهي المنظر ، مليح الشيبة ، محببا إلى الموافق والمخالف ، مشتغلا بنفسه رضي الله عنه .
قال عمر بن الحاجب فيما قرأت بخطه : سألت زكي الدين البرزالي عن شيخنا الضياء ، فقال : حافظ ، ثقة ، جبل ، دين ، خير .
وقرأت بخط إسماعيل المؤدب أنه سمع الشيخ عز الدين عبد الرحمن بن العز يقول : ما جاء بعد الدارقطني مثل شيخنا الضياء ، أو كما قال .
وقال الحافظ شرف الدين يوسف بن بدر : رحم الله شيخنا ابن عبد الواحد ، كان عظيم الشأن في الحفظ ومعرفة الرجال ، هو كان المشار إليه [ ص: 129 ] في علم صحيح الحديث وسقيمه ما رأت عيني مثله .
وقال عمر بن الحاجب : شيخنا الضياء شيخ وقته ونسيج وحده علما وحفظا وثقة ودينا من العلماء الربانيين ، وهو أكبر من أن يدل عليه مثلي .
قلت : روى عنه خلق كثير ، منهم : ابن نقطة ، وابن النجار ، وسيف الدين بن المجد ، وابن الأزهر الصريفيني ، وزكي الدين البرزالي ، ومجد الدين بن الحلوانية ، وشرف الدين بن النابلسي ، وابنا أخويه الشيخ فخر الدين علي بن البخاري والشيخ شمس الدين محمد بن الكمال عبد الرحيم ، والحافظ أبو العباس بن الظاهري ، وأبو عبد الله محمد بن حازم ، والعز بن الفراء ، وأبو جعفر بن الموازيني ، ونجم الدين موسى الشقراوي ، والقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة ، وأخواه محمد وداود ، وإسماعيل بن إبراهيم بن الخباز ، وعثمان بن إبراهيم الحمصي ، وسالم بن أبي الهيجاء القاضي ، ومحمد بن خطيب بيت الأبار ، وأبو علي بن الخلال ، وعلي بن بقاء الملقن ، وأبو حفص عمر بن جعوان ، وعيسى بن معالي السمسار ، وعيسى بن أبي محمد العطار ، وعبد الله بن أبي الطاهر المقدسي ، وزينب بنت عبد الله بن الرضي ، وعدة .
قال الحافظ محب الدين بن النجار في تاريخه : كتب أبو عبد الله بخطه ، وحصل الأصول ، وسمعنا منه وبقراءته كثيرا ، ثم إنه سافر إلى أصبهان فسمع بها من أبي جعفر الصيدلاني ومن جماعة من أصحاب فاطمة الجوزدانية .
إلى أن قال : وأقام بهراة ومرو مدة ، وكتب الكتب الكبار بخطه ، وحصل النسخ ببعضها بهمة عالية ، وجد واجتهاد وتحقيق وإتقان ، كتبت عنه ببغداد ونيسابور ودمشق ، وهو حافظ متقن ثبت صدوق نبيل حجة عالم [ ص: 130 ] بالحديث وأحوال الرجال ، له مجموعات وتخريجات ، وهو ورع تقي زاهد عابد محتاط في أكل الحلال ، مجاهد في سبيل الله ولعمري ما رأت عيناي مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته في طلب العلم .
ثم قال : أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد ، أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني ، أخبرنا أبو علي الحداد - يعني حضورا - أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا ابن خلاد ، حدثنا الحارث بن محمد ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحش شقه أو فخذه وآلى من نسائه شهرا ، فجلس في مشربة له درجها من جذوع فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسا وهم قيام ، فلما سلم قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى قائما فصلوا قياما ، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا ونزل التسع وعشرين ، قالوا : يا رسول الله إنك آليت شهرا قال : إن الشهر تسع وعشرون .
أخبرني بهذا القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة قال : أخبرنا شيخنا الحافظ ضياء الدين محمد ، فذكره .