الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3763 - "حوسب رجل ممن كان قبلكم؛ فلم يوجد له من الخير شيء؛ إلا أنه كان رجلا موسرا ؛ وكان يخالط الناس؛ وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر؛ فقال الله - عز وجل - لملائكته: نحن أحق بذلك منه؛ تجاوزوا عنه"؛ (خد ت ك هب)؛ عن أبي مسعود ؛ (ح) .

التالي السابق


(حوسب رجل) ؛ يعني: يحاسب رجل يوم القيامة؛ فأورده بصيغة الماضي؛ لتحقق وقوعه؛ (ممن كان قبلكم) ؛ من الأمم السابقة؛ (فلم يوجد له من الخير شيء) ؛ أي: من الأعمال الصالحة؛ قال القرطبي : عام مخصوص؛ لأن عنده الإيمان؛ ولذلك تجاوز عنه بالعفو: إن الله لا يغفر أن يشرك به ؛ والأليق أنه ممن وقي شح نفسه؛ والمعنى أنه لم يوجد له من النفل إلا هذا؛ ويحتمل أنه له؛ لكن غلب هذا عليه؛ ويحتمل أنه أراد بالخير المال؛ أي: لم يوجد له فعل بر في المال إلا إنظار المعسر؛ (إلا أنه كان رجلا موسرا؛ وكان يخالط الناس) ؛ أي: يعاملهم ويضاربهم؛ (وكان يأمر غلمانه) ؛ وفي رواية - بدله -: "فتيانه"؛ الذين يتقاضون ديونه؛ (أن يتجاوزوا عن المعسر ) ؛ أي: الفقير المقل المديون له؛ بأن يحطوا عنه؛ أو ينظروه إلى ميسرة؛ (فقال الله - عز وجل - لملائكته: نحن أحق بذلك منه) ؛ كلام حق؛ لأنه المتفضل على الحقيقة؛ إذ لا حق عليه لأحد؛ (تجاوزوا عنه) ؛ أي: عن ذنوبه؛ ومقصود الحديث الحث على المساهلة والمسامحة في التقاضي؛ وبيان عظيم فضل ذلك؛ وألا يحتقر من الخير شيئا؛ وإن قل؛ وأنه (تعالى) يتجاوز عن القليل من العمل؛ وجواز الإذن للعبد في التجارة؛ والتوكيل في التقاضي ؛ وأنه بركة ظاهرة؛ وكرامة بينة؛ وسبب للغفران؛ ومرقاة لدخول الجنان.

(خد ت ك هب) ؛ وكذا أبو يعلى ؛ كلهم؛ (عن ابن مسعود ) ؛ ظاهر صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين؛ وهو ذهول عجيب؛ فقد رواه مسلم في الصحيح.




الخدمات العلمية